كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 7)

-هكذا وإنما هو: سليم-، عن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا كان أحدكم يصلي فلا يدع أحدًا يمر، تحريم الصلاة التكبير، وتحليلها التسليم".
وهذا باطل بهذا الإسناد، تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (٦١).
• ومن فقه الحديث:
قال الشافعي: "فليقاتله" يعني: فليدفعه" [ختلاف الحديث (١٠/ ١٢٥ - الأم)].
وقال ابن بطال في شرح البخاري (١/ ١١١): "ولم يرد - صلى الله عليه وسلم - قطع الصلاة، واستباحة دمه، وإنما أراد دفعه بالشدة والقوة".
وقال أيضًا (٢/ ١٣٦): "والمقاتلة هاهنا: المدافعة في لطف، وأجمعوا أنه لا يقاتله بسيف، ولا يخاطفه، [وفي نسخة: ولا يخاطبه]، ولا يبلغ به مبلغًا يفسد صلاته؛ لأنه إن فعل ذلك كان أضرَّ على نفسه من المارِّ بين يديه].
وقال ابن عبد البر في التمهيد (٤/ ١٨٩): [وقوله في الحديث: "فإن أبى فليقاتله". فالمقاتلة هنا: المدافعة، وأظنه كلامًا خرج على التغليظ، ولكل شيءٍ حدٌّ" ثم نقل كلام ابن بطال، وكذا قال في الاستذكار (٢/ ٢٧٤).
وقال ابن قدامة في المغني (٢/ ٤١): "وأكثر الروايات عن أبي عبد الله: أن المار بين يدي المصلي إذا لجَّ في المرور وأبى الرجوع؛ أن المصلي يشتد عليه في الدفع، ويجتهد في رده؛ ما لم يخرجه ذلك إلى إفساد صلاته؛ بكثرة العمل فيها، وروي عنه أنه قال: يدرأ ما استطاع، وأكره القتال في الصلاة، وذلك لما يفضي إليه من الفتنة، وفساد الصلاة، والنبي - صلى الله عليه وسلم - إنما أمر برده ودفعه حفظًا للصلاة عما يُنقصِها، فيعلم أنه لم يرد ما يفسدها ويقطعها بالكلية، فيحمل لفظ المقاتلة على دفعٍ أبلغ من الدفع الأول" [وانظر: مسائل ابن هانئ (٣٢٨)، الفتح لابن رجب (٢/ ٦٧٣)].
قال ابن هانئ: "ورأيت أبا عبد الله إذا صلى فمرَّ بين يديه أحد دفعه دفعًا رفيقًا، فإن أبى إلا أن يمر دفعه دفعًا شديدًا؛ إذا لم يكن له موضع يتنحى حتى يجوز، دفعه دفعًا شديدًا [مسائله (٣٢٥)].
وقال النووي في شرح مسلم (٤/ ٢٢٣): "معني يدرأ: يدفع، وهذا الأمر بالدفع أمر ندب، وهو ندب متأكد، ولا أعلم أحدًا من العلماء أوجبه، بل صرح أصحابنا وغيرهم بأنه مندوب غير واجب، قال القاضي عياض: وأجمعوا على أنه لا يلزمه مقاتلته بالسلاح، ولا ما يؤدي إلى هلاكه، فإن دفعه بما يجوز فهلك من ذلك؛ فلا قوَد عليه باتفاق العلماء، وهل يجب ديته أم يكون هدرًا؟ فيه مذهبان للعلماء، وهما قولان في مذهب مالك - رضي الله عنه -، قال: واتفقوا على أن هذا كله لمن لم يفرط في صلاته، بل احتاط وصلى إلى سترة، أو في مكان يأمن المرور بين يديه، وبدل عليه قوله في حديث أبي سعيد في الرواية التي بعد هذه: "إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره، فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفع في نحره، فإن أبى فليقاتله"، قال: وكذا اتفقوا على أنه لا يجوز له المشي إليه من موضعه ليرده، وإنما

الصفحة 593