كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 8)

عباس، وهو لم يسمع منه، وإنما بينه وبينه أبو الصهباء، وقد نص على ذلك ابن أبي خيثمة في نفس إسناد هذا الحديث، فقال: حدثنا عفان: حدثنا شعبة: أنبأني عمرو بن مرة، عن يحيى بن الجزار، عن ابن عباس -ولم أسمعه-: أن جديًا مر بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - . . . الحديث".
وفي جامع التحصيل للعلائي (٨٦٩): "قال ابن أبي خيثمة: قيل: لم يسمعه من ابن عباس - رضي الله عنهما -[وانظر: تحفة التحصيل (٣٤٢)، النكت الظراف بحاشية التحفة (٥/ ٢٦٧)، التهذيب (٤/ ٣٤٥)].
قلت: فهذا إسناد رجاله ثقات، غير أن يحيى بن الجزار لم يسمع هذا الحديث من ابن عباس، كما جاء مصرحًا به في رواية عفان، فهو منقطع.
• فإن قيل: قد روي متصلًا، والحكم للزائد إن كان ثقة:
فيقال: هذا الحديث رواه عن شعبة به هكذا: غندر محمد بن جعفر، وأبو داود الطيالسي، وعلي بن الجعد، وعفان بن مسلم، وحجاج بن محمد المصيصي، وحفص بن عمر الحوضي، وسليمان بن حرب، وعبد السلام بن مطهر بن حسام [وهم ثمانية من ثقات أصحاب شعبة].
وخالفهم في إسناده: يحيى بن أبي بكير، قال: ثنا شعبة، عن عمرو بن مرة، عن يحيى بن الجزار، عن صهيب البصري، عن ابن عباس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي، فأراد جدي أن يمر بين يديه، فجعل يتقيه.
أخرجه البيهقي (٢/ ٢٦٨).
هكذا زاد ابن أبي بكير عن شعبة في هذا الإسناد: صهيبًا، وهذه زيات شاذة تفرد بها يحيى بن أبي بكير، وهو وإن كان ثقة؛ إلا أنه متأخر الطبقة في شعبة عن هؤلاء المذكورين ممن لم يأت بهذه الزيادة من أصحاب شعبة، فإن محمد بن جعفر، وأبا داود الطيالسي، وعلي بن الجعد، وعفان بن مسلم، وحجاج بن محمد المصيصي، وحفص بن عمر الحوضي، كل هؤلاء مقدَّم في شعبة على يحيى بن أبي بكير، وقد ذكر ابن المديني ومسلم: يحيى بن أبي بكير في الطبقة الرابعة من أصحاب شعبة الغرباء الثقات [رجال عروة بن الزبير (٦٨٢)، إكمال تهذيب الكمال لمغلطاي (٦/ ٢٠١)، [وانظر: العلل لابن أبي حاتم (١/ ٩٠/ ٢٤١)].
• وقد روى عن شعبة بهذا الإسناد أيضًا:
علي بن الجعد، وعفان بن مسلم، وابن أبي عدي، وعبد الوهاب بن عطاء:
قال علي بن الجعد: أخبرنا شعبة، عن عمرو بن مرة، قال: سمعت يحيى بن الجزار، عن ابن عباس، قال: جئت أنا وغلام من بني هاشم على حمار، فمررنا بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - فنزلنا، وتركنا الحمار يأكل من بقل الأرض، أو قال: من نبات الأرض، فدخلنا معه في الصلاة. قال رجل لشعبة: كان بين يديه عنزة؟ قال: لا.

الصفحة 49