كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 8)
• والخلاصة: أنه قد صح في باب عدم الجهر بالبسملة، أو افتتاح القراءة بـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}: حديث أنس، وعائشة، وأبي هريرة، ويستشهد في الباب بحديث عبد الله بن مغفل، ولا حجة للمخالف، والله أعلم.
• قال الترمذي بعد حديث قتادة عن أنس (٢٤٦): "والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، والتابعين ومن بعدهم: كانوا يستفتحون القراءة بـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}.
قال الشافعي: إنما معنى هذا الحديث: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا يفتتحون القراءة بـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، معناه: أنهم كانوا يبدؤون بقراءة فاتحة الكتاب قبل السورة، وليس معناه: أنهم كانوا لا يقرؤون {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، وكان الشافعي يرى: أن يبدأ بـ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، وأن يجهر بها إذا جهر بالقراءة" [وانظر: الأم (٢/ ٢٤٤)، سنن البيهقي (٢/ ٥١)، الخلافيات (٢/ ٥٥ - مختصره)، الاعتبار في الناسخ والمنسوخ (١/ ٣٣٧)، [وقد قال الشافعي أيضًا: " {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} الآية السابعة فإن تركها أو بعضها لم تُجْزِه الركعة التي تركها فيها"].
وقال الترمذي بعد حديث ابن مغفل (٢٤٤): "والعمل عليه عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، منهم: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وغيرهم، ومن بعدهم من التابعين، وبه يقول: سفيان الثوري، وابن المبارك، وأحمد، وإسحاق: لا يرون أن يجهر بـ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، قالوا: ويقولها في نفسه".
وانظر: مسائل أحمد لابنه عبد الله (٢٧٢ - ٢٧٤)، ولابنه صالح (٤١٥)، ومسائل الكوسج (١٩٩)، ومسائل ابن هانئ (٢٤٧ و ٢٥٢ و ٢٦٤)، ومسائل أبي داود (٢١٤ - ٢١٨)، ومسائل مهنا (١/ ١٥٣ - ١٥٦)، والانتصار (٢/ ٢٣٩)، وغيرها.
وقال ابن عبد البر في الإنصاف (٣): "فذهب مالك رضي الله تعالى عنه وأصحابه إلى أنها لا تقرأ في أول فاتحة الكتاب في شيء من الصلوات، لا سرًّا ولا جهرًا، وليست عندهم آية من أم القرآن، ولا من غيرها من سور القرآن؛ إلا في سورة النمل في قوله تعالى: {إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٣٠)} [النمل: ٣٠]، وإن الله لم ينزلها في كتابه في غير هذا الموضع من سورة النمل، وروي مثل قول مالك في ذلك كله عن الأوزاعي، وبذلك قال أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد الطبري، وأجاز مالك وأصحابه قراءة {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} في صلاة النافلة في أول فاتحة الكتاب، وفي سائر سور القرآن للمتهجدين، ولمن يعرض القرآن عرضًا على المقرئين، وأم القرآن عندهم سبع آيات يعاون {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} آية، وهو عدُّ أهل المدينة من القراء وأهل الشام وأهل البصرة.
وقال أهل العراق والمشرق، وسفيان الثوري، وابن أبي ليلى، والحسن بن حي، وأبو حنيفة وأصحابه، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وأبو عبيد القاسم بن سلام: يقرأ الإمام في أول فاتحة الكتاب: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، ويخفيها عمن خلفه، وروي