كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 8)

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وذكر [يعني: البخاري] اللفظ الأخير مرسلًا؛ لأنه في معنى التفسير للمسند؛ [فـ] إن عروة إنما سمع من عائشة، وهو أعلم بما سمع منها" [مجموع الفتاوى (٢٢/ ١٧٤)].
وقال ابن رجب في الفتح (٢/ ٢٦٢): "هذا مرسل من هذا الوجه".
وقال ابن حجر في الفتح (١/ ٤٩٢): "وصورة سياقه بهذا: الإرسال، لكنه محمول على أنه سمع ذلك من عائشة، بدليل الرواية التي قبلها"؛ يعني: حديث الزهري عن عروة عن عائشة، وهو كما قال.
ورواه بكر بن مضر [ثقة ثبت]، عن جعفر بن ربيعة، عن عراك بن مالك؛ أن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - لما بلغها أنه يقال: إن الصلاة يقطعها الكلب والمرأة والحمار، قالت: لقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي وأنا معترضة بينه وبين القبلة.
أخرجه أبو العباس السراج في مسنده (٤١٥)، وفي حديثه بانتقاء زاهر الشحامي (٨٩٦)، بإسناد صحيح إلى بكر.
هكذا خالف جعفر بن ربيعة [وهو: مصري، ثقة] يزيد بن أبي حبيب [وهو: مصري، ثقة فقيه]، فأسقط عروة من الإسناد، وأعضل الحديث، والزيادة هنا ثابتة؛ إذ الزائد ثقة، والحديث محفوظ عن عروة متصلًا من وجوه كثيرة، وقد استشهد به البخاري، وعراك بن مالك: مدني، تابعي، ثقة، لكنه لم يسمع من عائشة، وإنما يروي عن عروة عن عائشة [انظر: الحديثين المتقدمين برقم (١٣ و ٢٧٩)، والله أعلم.
٥ - وأما رواية أبي الأسود:
فرواها ابن لهيعة، قال: حدثنا أبو الأسود، عن عروة، عن عائشة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي من الليل ثلاث عشرة سجدة، وكان أكثر صلاته قائمًا، فلما كبر وثقل كان أكثر صلاته قاعدًا، وكان يصلي صلاته وأنا معترضة بين يديه على الفراش الذي يرقد عليه، حتى يريد أن يوتر فيغمزني فأقوم، فيوتر ثم يضطجع حتى يسمع النداء بالصلاة، ثم يقوم فيسجد سجدتين خفيفتين، ثم يلصق جنبه الأرض، ثم يخرج إلى الصلاة.
أخرجه أحمد (٦/ ١٠٣)، قال: حدثنا حسن بن موسى [ثقة]، قال: حدثنا ابن لهيعة به.
• ورواه أبو الحسن الخلعي في الثاني عشر من فوائده "الخلعيات" (١٠٧/ ب- الأزهرية) (١٨)، من طريق عمرو بن خالد [هو: ابن فروخ، نزيل مصر: ثقة]، قال: حدثنا عبد الله بن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة، عن عائشة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي من الليل، وعائشة معترضة بين يديه على الفراش الذي يضاجعها عليه، وهي حائض.
قال عروة: فحدثت بها عمر بن عبد العزيز، وعنده عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، فقال: قد سمعت هذا الحديث، ولم أسمع أنها حائض! قال عروة: بلى.
قلت: وهذا اضطراب من ابن لهيعة في متن هذا الحديث، وابن لهيعة ضعيف، واضطرابه هذا من دلائل ضعفه، والله أعلم.

الصفحة 58