كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 8)

يتابع عليها، لكنه أخرج أصوله للبخاري، وأذن له أن ينتقي منها، وأن يعلم له على ما يحدث به، ليحدث به، ويعرض عما سواه، قال ابن حجر: "وهو مشعر بأن ما أخرجه البخاري عنه هو من صحيح حديثه؛ لأنه كتب من أصوله"، التهذيب (١/ ١٥٧)، ترتيب المدارك (١/ ٢١٣)، هدي الساري (٣٩١)، وهذا الحديث مما أخرجه البخاري لإسماعيل في صحيحه] [صحيح البخاري (٧٦)].
ومطرف بن عبد الله بن مطرف [ابن أخت مالك: مدني ثقة، وهو مقدم في مالك على ابن أبي أويس. التهذيب (٤/ ٩١)، ترتيب المدارك (١/ ٢٠٦)، [مسند السراج]:
فرووه عن مالك به، وزادوا فيه: "إلى غير جدار"، بعد قوله: "بمنى".
[وانظر: أحاديث الموطأ للدارقطني (٨٠)، الإيماء إلى أطراف الموطأ (٢/ ٥٢٦/ ٢٢٢)].
قال البيهقي في السنن (٢/ ٢٧٣): "أخبرنا أبو عبد الله الحافظ [يعني: الحاكم]: ثنا أبو العباس [يعني: الأصم]: أنبأ الربيع، عن الشافعي، قال: قول ابن عباس: "إلى غير جدار"؛ يعني -والله أعلم-: إلى غير سترة" [كذا قال الشافعي في اختلاف الحديث (١٢٣)].
قال البيهقي: "وهذه اللفظة ذكرها مالك بن أنس رحمه اللهُ في هذا الحديث في كتاب المناسك، ورواه في كتاب الصلاة دون هذه اللفظة، ورواه الشافعي رحمه اللهُ عنه في القديم، كما رواه في المناسك، وفي الجديد كما رواه في الصلاة".
وقال أيضًا (٢/ ٢٧٧): "وروينا في رواية مالك في كتاب المناسك من الموطأ أنه قال: قال في هذا الحديث: "إلى غير جدار"، قال الشافعي رَحمه اللهُ: يعني -والله أعلم-: إلى غير سترة، وذلك يدل على خطأ من زعم أنه صلى إلى سترة، وإن سترة الإمام سترة المأموم، فلذلك لم يقطع مرور الحمار بين أيديهم صلاتهم، ففي رواية مالك دليل على أنه صلى إلى غير سترة، والله تعالى أعلم"، ولذلك فقد احتج البيهقي بحديث ابن عباس هذا في باب الصلاة إلى غير سترة (٢/ ٢٧٣).
قلت: هذه الزيادة ثابتة في حديث مالك، ومن حديث ابن عباس، وإن تفرد بها مالك، فقد رواها عن مالك جماعة من أصحابه، وهي في الموطأ كما قال البيهقي، وهو ظاهر كلام الشافعي، ولم أجدها في المطبوع من الموطآت، وقد أخرج البخاري الحديث من طريق مالك بهذه الزيادة في ثلاثة مواضع من صحيحه (٧٦ و ٤٩٣ و ٨٦١) من طريق عبد الله بن يوسف وعبد الله بن مسلمة القعنبي وإسماعيل بن أبي أويس، كما تقدم بيانه.
وقول ابن حزم في المحلى (٤/ ١٢) أوجَه، وأولى بالصواب من قول البيهقي في نفي السترة، فقد احتج ابن حزم بحديث أبي جحيفة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى بمكة، وهو بالأبطح، وبين يديه عنزة، يمر من ورائها الكلب والمرأة والحمار [وهو حديث متفق عليه، تقدم برقم (٥٢٠ و ٦٨٨)]، على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يستتر بالعنزة، وقد كان ذلك منه بمكة، في حجة الوداع، كما أن حديث ابن عمر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا خرج يوم العيد أمر بالحربة فتوضع بين يديه؛ فيصلي إليها، والناس وراءه، وكان يفعل ذلك في السفر [متفق عليه، تقدم

الصفحة 70