كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 10)
• وأما حكم الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد التشهد:
فقد ذهب الجمهور إلى القول بالاستحباب، وحملوا الأمر الوارد في الآية بأنه فرض على الجملة، غير محدد بوقت، وأن الواجب منه الذي يسقط به الحرج ومأثم ترك الفرض: مرة؛ كالشهادة له بالنبوة، وما عدا ذلك فمندوبٌ مرغبٌ فيه، من سنن الإسلام وشعار أهله [انظر: الشفا (٢/ ٥١)].
• وممن قال بالوجوب في الصلاة بعد التشهد، أو قال بالفرضية: الشافعي، وابن المواز من المالكية، واختلفت الرواية عن أحمد وإسحاق.
قال الشافعي في الأم (١/ ١١٧): "فرض الله عز وجل الصلاة على رسوله - صلى الله عليه وسلم - فقال: " {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (٥٦)} [الأحزاب: ٥٦].
قال الشافعي: فلم يكن فرض الصلاة عليه في موضع أولى منه في الصلاة، ووجدنا الدلالة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما وصفت من أن الصلاة على رسوله - صلى الله عليه وسلم - فرضٌ في الصلاة، والله تعالى أعلم"، ثم ذكر ما وصل إليه بالإسناد مما سبق ذكره.
ونقل أبو زرعة الدمشقي عن أحمد قوله: "كنت أتهيب أن أقول: لا تبطل صلاة من لم يصلِّ على النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم تبينت، فإذا الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - واجبة، فمن تركها أعاد الصلاة" [مشيخة شهدة (٥/ ١٦١٧)، المغني (١/ ٣١٨)، جلاء الأفهام (٣٣٢)، وقال: "وظاهر هذا أنه رجع عن قوله بعدم الوجوب"].
وكان قد سئل قبل ذلك عن قول إسحاق ببطلان صلاة من ترك الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال أحمد: "ما أجترئ أن أقول هذا"، وقال مرة: "هذا شذوذ" [جلاء الأفهام (٣٣٢)].
وأوجب إسحاق الإعادة مع تعمد تركها دون النسيان، وعنه رواية أخرى، قال له حرب الكرماني: "الرجل إذا تشهد فلم يصلِّ على النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: أما أنا فأقول: إن صلاته جائزة" [جلاء الأفهام (٣٣١)].
• قال البيهقي في المعرفة (٢/ ٤٢): "وروينا عن عبد المهيمن بن عباس بن سهل الساعدي، عن أبيه، عن جده؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا صلاة لمن لم يصلِّ على نبي الله - صلى الله عليه وسلم -". وعبد المهيمن هذا: غير قوي في الحديث.
وروينا عن جابر، عن أبي جعفر، عن أبي مسعود الأنصاري؛ أنه قال: لو صليت صلاة لا أصلي فيها على محمد ما رأيت أنها تتم، وفي رواية أخرى: وعلى آل محمد، وجابر هذا هو الجعفي، وهو: ضعيف.
وروينا عن الثوري، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي؛ أنه قال: من لم يصل على النبي - صلى الله عليه وسلم - في التشهد فليعد صلاته، أو قال: لا تجزي صلاته". [وانظر: مختصر الخلافيات (٢/ ٢١٩)].
• قلت: أما حديث سهل بن سعد:
فقد وصله: الدارقطني (١/ ٣٥٥)، وابن عبد البر في التمهيد (١٦/ ١٩٦).
الصفحة 400
512