كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 10)

به: أبو سعيد المؤدب محمد بن مسلمة بن أبي الوضاح عنه، ولم يروه عنه غير منصور بن أبي مزاحم".
من كلام أبي حاتم والدارقطني يتبين لنا بعض الملاحظات:
فمنها: أنه لو كان زكريا هذا هو ابن أبي زائدة لصرح بنسبه واحد على الأقل ممن روى هذا الحديث عن منصور.
ومنها: أنه لو كان ابن أبي زائدة لاشتهر حديثه بين أصحابه، ورواه عنه أهل الكوفة والبصرة وغيرهم من أصحابه المشهورين بالرواية عنه.
ومنها: أن هذا الإسناد الكوفي: ابن أبي زائدة عن الشعبي عن مسروق: طريق مسلوكة، جاءنا بها أحاديث كثيرة، أخرج الشيخان منها عددًا لا بأس به، فكيف لهذا الإسناد الكوفي ألا يشتهر في بلده، ولا يصل إلينا إلا برواية واحد من الغرباء، رجل بغدادي غير مشهور بالرواية عن ابن أبي زائدة الكوفي.
ولهذا فإن الدارقطني غلب على ظنه مرةً أنه ابن أبي زائدة، فاستغربه من حديثه، ثم توقف مرةً أخرى، ولم يجزم بأنه ابن أبي زائدة أو غيره.
وأما أبو حاتم فقد كان يظن مدة أنه ابن أبي زائدة، ثم قيل له بأنه الحبطي؛ فلم ينكر ذلك، وهو الأقرب.
والحبطي هذا هو زكريا بن حكيم، أو: ابن يحيى بن حكيم: معروف بالرواية عن الشعبي، وهو: هالك، ليس بشيء، ترك الناس حديثه [اللسان (٣/ ٥٠٥)].
فإن كان كذلك؛ فهو حديث باطل؛ وإن كان هو ابن أبي زائدة؛ فهو غريب جدًّا، ولا يثبت من حديث الشعبي، ولا من حديث ابن أبي زائدة، والله أعلم.
• وله إسناد آخر عن مسروق:
• فقد رواه سفيان الثوري [وعنه: وكيع بن الجراح، وأبو نعيم، وعبد الرزاق]، وشعبة [وعنه: غندر محمد بن جعفر، وإبراهيم بن حميد الطويل]، والمسعودي [وعنه: محمد بن بكير البغدادي، وهو: صدوق، إلا أنه من طبقة من روى عن المسعودي بعد الاختلاط. انظر: الكواكب النيرات (٣٥)]:
عن جابر، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عبد الله، قال: ما نسيت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يسلم عن يمينه وعن شماله: "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، السلام عليكم ورحمة الله". لفظ أبي نعيم عن سفيان.
أخرجه أحمد (١/ ٣٩٠ و ٤٠٩ و ٤٣٨)، وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (٣/ ١١٤/ ٤٠٥٢)، والبزار (٥/ ٣٤٦/ ١٩٧٤)، والهيثم بن كليب الشاشي (٤٠٢ و ٤٠٣)، والطبراني في الكبير (١٠/ ١٢٥/ ١٠١٧٨ و ١٠١٧٩).
وهذا إسناد واهٍ؛ جابر بن يزيد الجعفي: متروك يكذب.
• ورواه عبد الرزاق، عن معمر والثوري، عن حماد، عن أبي الضحى، عن

الصفحة 458