كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 10)

• وثمة احتمال آخر؛ فقد قال الذهبي في السير (٨/ ٥٢٧) بعد أن ذكر بعض مناكير بقية عن الثقات، وهذا منها، قال: "فحاصل الأمر: أن لبقية عن الثقات أيضًا ما ينكر، وما لا يتابع عليه".
وظاهر كلام الذهبي أنه لم يشك في كون الزبيدي هذا هو محمد بن الوليد، لكنه عاد بالتبعة على بقية نفسه، وأنه هو الواهم في هذا الحديث، وحمل على ضبطه، ولم يحمل على تدليسه، مع كون الذهبي بعد ذلك ذكر تدليس بقية ومناكيره الواقعة في حديثه بسبب التدليس، فلم يعد هذا الحديث منها، والله أعلم.
٣ - حديث عمار بن ياسر:
يرويه أبو بكر بن عياش [وهو: ثقة، ساء حفظه لما كبر، وكتابه صحيح]، عن أبي إسحاق، عن صلة بن زفر، عن عمار بن ياسر؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يسلم في صلاته عن يمينه وعن شماله.
وفي رواية: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسلم عن يمينه، وعن يساره، حتى يرى بياض خده: "السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله".
وفي أخرى بإسناد صحيح إلى أبي بكر: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا سلم عن يمينه يُرى بياض خده الأيمن، وإذا سلم عن يساره يُرى بياض خده الأيمن والأيسر، وكان تسليمه: "السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله".
أخرجه الترمذي في العلل الكبير (١٠٧)، وابن ماجه (٩١٦)، وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (٣/ ١١٥/ ٤٠٦٠)، والبزار (٤/ ٢٣٢/ ١٣٩٥)، والطحاوي (١/ ٢٦٨)، والطبراني في الأوسط (١/ ٢٨٣/ ٩٢٥)، وأبو الفضل الزهري في حديثه (٤٥٧)، والدارقطني (١/ ٣٥٦)، وأبو طاهر المخلص في السادس من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (٢٦٥) (١٢٨٤ - المخلصيات).
تنبيه: وقع في بعض نسخ ابن ماجه: عن حذيفة، بدل: عمار، وهو خطأ، وانظر: تحفة الأشراف (٢/ ٦٥٤/ ٣٣٥٦) و (٧/ ١٦٠/ ١٠٣٥٥)، تنقيح التحقيق (١/ ٤٢٢)، نصب الراية (١/ ٤٣١)، شرح سنن ابن ماجه لمغلطاي (٥/ ١٥٨٠)، البدر المنير (٤/ ٥٨)، وغيرها.
قال الترمذي: "سألت محمدًا [يعني: البخاري] عن هذا الحديث، فقال: الصحيح: عن أبي إسحاق، عن حارثة بن مضرب، عن عمار؛ فعله.
قلت: فحديث أبي بكر بن عياش هذا؟ قال: كان ذلك البائس يحيى الحماني يروي هذا عن أبي بكر بن عياش".
وقال ابن أبي خيثمة: "كذا قال أبو بكر بن عياش: عن أبي إسحاق، عن صلة، رفعه، وخالفه إسرائيل".
وقال البزار: "وهذا الحديث رواه شعبة عن أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب عن عمار موقوفًا، ولا نعلم أحدًا قال: عن صلة عن عمار؛ إلا أبو بكر بن عياش".

الصفحة 477