كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 11)

يأتي تخريجه مفصلًا - إن شاء الله تعالى - في موضعه من السنن برقم (١٢٧٢/ ١٢٧٥).
وهذا الحديث قد ضعفه ابن المبارك وغيره [انظر: جامع الترمذي (٥٩٩)، التهذيب (٢/ ٢٥٤)، الميزان (٢/ ٣٥٣)].
وعلى فرض صحته فإنه ليس دليلًا على أنه ينوي بسلامه الملائكة والنبيين والمؤمنين؛ فإن قوله: يفصل بين كل ركعتين بالتسليم على الملائكة المقربين، والنبيبن، ومن تبعهم من المؤمنين والمسلمين، إنما أراد به التشهد، ففي تشهد ابن مسعود: "السلام علينا وعلي عباد الله الصالحين"، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - مفسرًا هذه الجملة: "فإنكم إذا قلتم ذلك أصاب كلَّ عبدٍ صالح في السماء والأرض"، وفي رواية: "إذا قلتَها أصابت كلَّ ملكٍ مقرب، أو نبيٍ مرص، أو عبدٍ صالح"، [تقدم برقم (٩٦٨)، وهو متفق عليه، دون اللفظ الثاني، وهو صحيح أيضًا].
قال الترمذي في الجامع (٤٢٩): "واختار إسحاق بن إبراهيم [يعني: ابن راهويه] أن لا يُفصَل في الأربع قبل العصر، واحتج بهذا الحديث، وقال: ومعنى أنه يفصل بينهن بالتسليم، يعني: التشهد" [وقد أطال ابن خزيمة في صحيحه (٢/ ٢١٩/ ١٢١١) في الرد على هذا القول بما لا طائل تحت؛ فإن نصوص الشريعة وكلام الصحابة لا ينبغي محاكمتها وتنزيلها على اصطلاحات الفقهاء الحادثة، وسبق تقرير هذه المسألة قبل ذلك تحت الحديث رقم (٥٧٣)].
قلت: ويشهد لهذا المعنى رواية حصين بن عبد الرحمن عن أبي إسحاق به، وفيها: "كان يصلي حين ترتفع الشمس ركعتين، وقبل نصف النهار أربع ركعات يجعل التسليم في آخر ركعة، وقبل الظهر أربع ركعات يجعل التسليم في آخر ركعة، وبعدها أربع ركعات يجعل التسليم في آخر ركعة" [سنن النسائي الكبرى (١/ ٢١٢/ ٣٣٦)].
• قلت: والذي صح في هذا الباب، وهو أن ينوي المأموم بالسلام شيئًا آخر إضافة إلى التحلل من الصلاة المنصوص عليه في حديث علي بن أبي طالب: "وتحليلها التسليم" [تقدم برقم (٦١)، وهو حديث صحيح]، هو أن ينوي بسلامه التسليم على من كان عن يمينه وشماله، لحديث جابر بن سمرة مرفوعًا: "علامَ تُومِئون بأيديكم كأنها أذناب خيل شمس؟ إنما يكفي أحدَكم أن يضع يده على فخِذه، ثم يسلم على أخيه، مَن على يمينه وشماله" [أخرجه مسلم (٤٣١/ ١٢٠)]، وفي رواية: "ثم يسلم على أخيه، عن يمينه، وعن شماله"، وفي أخرى: "ثم يسلم على صاحبه عن يمينه، وعن شماله" [وقد تقدم تخريجه برقم (٩٩٨ و ٩٩٩)].
• وأختم كلامي بنقلٍ عن الإمام أحمد:
قال أبو داود في مسائله لأحمد (٥٥٦): "قلت لأحمد: الردُّ على الإمام؟ قال: ما أعرف فيه حديثًا - أي: حديث عالي يعتمد عليه -؛ فإن شاء ردَّ.

الصفحة 12