كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 11)
كانت تلك الصلاة؛ فإن المقصود أنها كانت إحدى صلاتي النهار الرباعية الظهر أو العصر، ومثل هذا الاختلاف لا يؤثر، وقد قضى الله تعالى على رواة هذا الحديث نسيان تعيين هذه الصلاة، حيث إنه لا فائدة ترجع على المكلف من تعيين هذا الإبهام، كما وقع كثيرًا في القرآن والسُّنَّة من إبهام أشخاص أو أزمان أو أماكن أو أوصاف لا ينتفع المكلف بتعيينها، وأن العبرة في مثل ذلك بعموم المعنى المراد، والله أعلم.
٢ - ورواه عاصم بن سليمان الأحول [ثقة]، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، قال: صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إحدى صلاتي العشي ركعتين، ثم سلم، فانطلق سرعان الناس، فقالوا: قصرت الصلاة، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى عمود فوضع يده عليه، فعرف الغضب في وجهه، وفي القوم أبو بكر وعمر فهاباه أن يكلماه، فقال ذو اليدين: يا رسول الله! أقصرت الصلاة أم نسيت؟ فقال: "ما قصرت، وما علمت أني نسيت"، فقال: بلى يا رسول الله! فقال للقوم، فقالوا: صدق، قال: فرجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى مقامه، فصلى ركعتين، ثم سلم عن يمينه وعن يساره، وسجد سجدتين، وجلس قليلًا، قال عاصم: قال أبو قلابة: ثم سلم.
أخرجه البزار (١٧/ ٢٥٦/ ٩٩٤١)، قال: وحدثنا عبد الله بن سعيد الأشج [ثقة، مذكور بالحفظ]: حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي [لا بأس به، كان يدلس]: حدثنا عاصم به.
قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلم رواه عن عاصم إلا المحاربي".
وقال الدارقطني في العلل (١٠/ ١١/ ١٨١٩): "وأما عاصم الأحول؛ فرواه عنه جماعة، واتفقوا على لفظ متقارب، وزاد عليهم المحاربي في روايته عن عاصم الأحول: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سلم عن يمينه وعن يساره، ولم يُذكر هذا عن ابن سيرين".
قلت: فهي زيادة شاذة، تفرد بها المحاربي، والمحفوظ من حديث عاصم الأحول بدونها.
٣ - ورواه أهل الشام عن شعبة عن خالد الحذاء مختصرًا:
رواه بقية بن الوليد، قال: حدثنا شعبة، قال: وحدثني ابن عون، وخالد الحذاء، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سجد في وهمه بعد التسليم".
أخرجه النسائي في المجتبى (٣/ ٢٦/ ١٢٣٥)، وفي الكبرى (٢/ ٥٠/ ١١٥٩)، وأبو عوانة (١/ ٥١٥/ ١٩٢٥)، وابن أخي ميمي الدقاق في فوائده (٥٠٣)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (٢/ ٩٧).
وهذا إسناد حسن غريب.
٤ - ورواه ابن وهب، قال: أنبأنا عمرو بن الحارث، قال: حدثنا قتادة، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، بمثله.
يعني: بمثل حديث عراك بن مالك عن أبي هريرة؛ "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سجد يوم ذي اليدين سجدتين بعد السلام".