كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 11)
ثم قال: "وقد روي عن الزهري أنه حمل ترك السجود للسهو في هذه القصة على أحد وجهين: أحدهما: أنه قال: كان هذا قبل أن يشرع سجود السهو، فروى عنه معمر أنه قال: كان هذا قبل بدر ثم استحكمت الأمور، والثاني: أنه كان يرى أنه لم يسجد يومئذٍ للسهو؛ لأن الناس يقَّنوا النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى استيقن، وكلا الوجهين ضعيف، أما الأول؛ فلأن أبا هريرة شهد هذه القصة، وكان إسلامه بعد بدر بكثير،. . .، وأما الثاني؛ فمضمونه أنه إنما يسجد للسهو إذا استدام الشك، فأما إذا تيقن الأمر، وعمل عليه، فإنه لا يسجد، وإن كان قد زاد في الصلاة، وهذا مذهب غريب".
[وانظر أيضًا: الجرح والتعديل (٣/ ٤٤٧)، خلاصة الأحكام للنووي (٢١٩٣ - ٢١٩٥)، رياض الأفهام للفاكهاني (٢/ ٣٥٧)، الفتح لابن حجر (٣/ ٩٦)].
° وحديث يحيى بن أبى كثير:
رواه علي بن المبارك، وشيبان بن عبد الرحمن النحوي، وأبان بن يزيد العطار، وحرب بن شداد [وهم ثقات]:
عن يحيى بن أبى كثير، عن أبى سلمة، عن أبى هريرة، قال: بينما أنا أصلي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الظهر؛ فسلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ركعتين، فقام رجل من بني سليم [وفي رواية أبان: يقال له ذو اليدين، وكان طويل اليدين]، فقال: يا رسول الله! أقصرت الصلاة أم نسيت؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لم تقصر، ولم أنس" [وفي رواية أحمد: ولم أنسه، بهاء السكت]، فقال: يا رسول الله! إنما صليت ركعتين، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أحقٌّ ما يقول ذو اليدين؟ "، قالوا: نعم، فقام فصلى بهم ركعتين [آخرتين]، وهذا لفظ شيبان.
أخرجه مسلم (٥٧٣/ ٩٩ و ١٠٠)، وأبو عوانة (١/ ٥١٣/ ١٩١٩ و ١٩٢٠)، وأبو نعيم في المستخرج (٢/ ٢٦٨/ ١١٧٤)، والنسائي في الكبرى (١/ ٣٠٠/ ٥٦٧ و ٥٦٨)، واللفظ له، وابن خزيمة (٢/ ١١٩/ ١٠٣٨)، وأحمد (٢/ ٤٢٣)، وأبو بكر النيسابوري في الزيادات على المزني (٥٩)، والطحاوي (١/ ٤٤٥)، وابن حزم في المحلى (٤/ ٥)، والبيهقي (٢/ ٣٥٧)، وابن عبد البر في التمهيد (١/ ٣٥٧).
قلت: جاء في حديث يحيى بن أبى كثير هذا تعيين هذه الصلاة بأنها الظهر، جزمًا بغير شك، وقد سبق بيان أنه لم يترجح عندي شيء في حديث ابن سيرين عن أبى هريرة، وأن المحفوظ فيه: إحدى صلاتي العشي، بغير تعيين، وإن كان جاء في بعض الطرق الثابتة عن ابن سيرين تغليب الظن بأنها الظهر، فيعتضد غلبة الظن هذا بجزم يحيى بن أبى كثير بأنها الظهر، وكذلك بروايتي سعد بن إبراهيم ومحمد بن عمرو بن علقمة الآتيتين، والله أعلم.
° وحديث عمران بن أبى أنس:
رواه جماعة من الثقات، عن الليث بن سعد، عن يزيد بن أبى حبيب، عن عمران بن