كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 11)
أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله؟ قال: "كل ذلك لم يكن"، فقال الناس: قد فعلت يا رسول الله! فرجع، ثم صلى ركعتين أخريين، ثم انصرف.
قال ابن أبى ذئب: قال الزهري: فسألت أهل العلم بالمدينة فلم أجد أحدًا يخبرني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى لذلك سجدتي السهو.
أخرجه أبو القاسم البغوي في الجعديات (٢٨٥١).
هكذا رواه يزيد بن هارون، فلم يذكر في آخره نفي سجود السهو.
° خالفهم فأثبت السجود: أبو داود الطيالسي أبصري، ثقة حافظ، فرواه في مسنده (٤/ ٢٤٣٨/٨١)، قال: حدثنا ابن أبى ذئب، عن سعيد بن أبى سعيد، عن أبى هريرة؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى ركعتين ثم سلم، فقيل: يا رسول الله! أقصرت الصلاة أم نسيت؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لم تقصر الصلاة، ولم أنس"، فقال القوم: بلى يا رسول الله! فرجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلى ركعتين، ثم سجد سجدتين.
ومن طريق الطيالسي: أخرجه البزار (١٥/ ١٦٤/ ٨٥١٢).
° ولم ينفرد الطيالسي بذكر السجود:
فقد رواه الطحاوي في شرح المعاني (١/ ٤٤٥)، قال: حدثنا ربيع المؤذن [هو الربيع بن سليمان المرادي: ثقة]، قال: ثنا خالد بن عبد الرحمن [الخراساني أبو الهيثم: لا بأس به]، قال: ثنا ابن أبى ذئب، عن المقبري، عن أبى هريرة - رضي الله عنه -؛ "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - انصرف من ركعتين"، فذكر نحو ذلك؛ غير أنه لم يذكر السلام الذي قبل السجود.
* وعلى هذا: فإن إثبات السجود هو المحفوظ من حديث المقبري عن أبى هريرة، إذ قد أثبته ابن سيرين عن أبى هريرة، وسعد بن إبراهيم عن أبى سلمة عن أبى هريرة، وأبو سفيان مولى ابن أبى أحمد عن أبى هريرة، وضمضم بن جوس عن أبى هريرة، وعراك بن مالك عن أبى هريرة.
وابن أبى ذئب أثبت الناس في سعيد المقبري، لكن يحتمل أن يكون الاختلاف فيه من قبل ابن أبى ذئب نفسه لما حدث به بالعراق، فإن رواية الحجازيين وسماعهم من ابن أبى ذئب: صحيح؛ وفي حديث العراقيين عنه: وهمٌ كبير، وهذا منه، ولعله كان يلقَّن بالعراق فيتلقن [ذكره مسلم في كتاب التمييز (١٩١)، شرح علل الترمذي (٢/ ٧٨٠)].
° وحديث داود بن الحصين:
رواه مالك بن أنس، عن داود بن الحصين، عن أبى سفيان مولى ابن أبى أحمد، أنه قال: سمعت أبا هريرة، يقول: صلى لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة العصر، فسلم في ركعتين، فقام ذو اليدين، فقال: أقصرت الصلاة يا رسول الله أم نسيت؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كل ذلك لم يكن"، فقال: قد كان بعض ذلك، يا رسول الله! فأقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الناس، فقال: "أصدق ذو اليدين؟ "، فقالوا: نعم، يا رسول الله! فأتم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما بقي من الصلاة، ثم سجد سجدتين، وهو جالس، بعد التسليم.