كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 11)

* والحاصل: فإن أصح ما روي به هذا الحديث:
ما رواه عبد الأعلى بن القاسم: ثنا همام، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة، قال: "أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نسلِّمَ على أئمننا، وأن يسلِّمَ بعضُنا على بعض".
وتابعه: سعيد بن بشير، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة، قال: "أمرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - أن نردَّ على الإمام، وأن نتحابَّ، وأن يسلِّمَ بعضُنا على بعض".
* وقد صحح حديث سمرة هذا: ابن خزيمة والحاكم، وقال ابن حبان في كتابه "وصف الصلاة بالسُّنّة" بعد أن أخرجه: "أنا عائذ بالله أن نحتج في شيء سنن كتبنا بالمقاطيع والمراسيل، والحسن لم يسمع من سمرة شيئًا، لكن ظاهر الكتاب يوجب رد السلام على المسَلِّم مطلقًا، سواء كان في صلاة أم غيرها".
* وقد سبق تحقيق القول في سماع الحسن من سمرة عند الحديث رقم (٣٥٤) [وراجع أيضًا: الأحاديث رقم (٢٧) و (٧٧٧ - ٧٨٠)]، وخلاصة ما قلت هناك: أن الحسن لم يسمع من سمرة إلا حديث العقيقة، والباقي كتاب غير مسموع؛ إلا أنه وجادة صحيحة معمول بها عند الأئمة.
وعليه: فإنه إذا صح الإسناد إلى الحسن البصري؛ فحديثه عن سمرة محمول على الاتصال، وهو صحيح.
إلا أن الوجادة قد يدخلها شيء من الوهم بالتصحيف وغيره، وظاهر هذا الحديث أن المأموم يسلم ثلاث تسليمات، اثنتان عن يمينه وشماله، والثالثة على الإمام، وطالما أن الإمام ينتهي من تسليمه قبل أن يشرع المأموم في التسليم، فعلى المأموم أن يرد السلام على الإمام، وعندئذٍ يكون قد تكلم بكلام أجنبي عن الصلاة مخاطبًا به آدميًا أثناء الصلاة.
وبهذا يكون ظاهر هذا الحديث معارضًا لما ثبت من حديث ابن مسعود، في النهي عن الكلام في الصلاة برد السلام وغيره، كما صح ذلك في حديث ابن مسعود، فيما رواه عاصم، عن شقيق، عن عبد الله، قال: كنا نتكلم في الصلاة، ويسلم بعضنا على بعض، ويومئ أحدُنا بالحاجة، فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم -، فسلمتُ عليه وهو يصلي، فلم يردَّ عليَّ، فأخذني ما قدُم وما حدُث، فلما صلَّى قال: "إن الله عز وجل يحدث من أمره ما شاء، وإنه قد أحدث أن لا تكلموا في الصلاة" [حديث صحيح، تقدم تخريجه برقم (٩٢٤)]، وعلى هذا فإن من تكلم في صلاته، وقبل أن يسلم منها بكلام يخاطب به آدميًا كرد السلام على الإمام ونحوه فإنه تبطل به صلاته، وهذا بخلاف ما إذا نوى بتسليمتيه التحلل من الصلاة، والسلام على مَن على يمينه، وعلى مَن على يساره، لحديث جابر بن سمرة، والله أعلم.
• فإن قيل: ألا يشهد له حديث سمرة الذي رواه بنوه عنه:
فقد روى محمد بن داود بن سفيان: حدثنا يحيى بن حسان: حدثنا سليمان بن موسى أبو داود: حدثنا جعفر بن سعد بن سمرة بن جندب: حدثني خبيب بن سليمان، عن أبيه سليمان بن سمرة، عن سمرة بن جندب: أما بعدُ، أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كان في وسط

الصفحة 8