كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 12)

يزيد في السفر على ركعتين، لا يصلي قبلها، ولا بعدها، فقيل له: ما هذا؟ قال: هكذا رأيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يصنع.
أخرجه النسائي (٣/ ١٢٢/ ١٤٥٧).
وهذا هو الحديث الذي رواه في القصر، وصححه عبد الحق الإشبيلي، وهو حديث صحيح؛ ووبرة بن عبد الرحمن: ثقة، سمع ابن عمر، له عن ابن عمر حديث عند البخاري (١٧٤٦)، وآخر عند مسلم (١٢٣٣).
• ولم ينفرد به العلاء بن زهير، فقد روى هذا الحديث عن ابن عمر جماعة من أصحابه، وله عنه طرق؛ فمنها:
ما رواه عيسى بن حفص بن عاصم، قال: حدثني أبي، قال: كنت مع ابن عمر في سفر، فصلى الظهر والعصر ركعتين، ثم انصرف إلى طنفسة له، فرأى قومًا يسبحون، قال: ما يصنع هؤلاء؟ قلت: يسبحون، قال: لو كنت مصليًا قبلها أو بعدها لأتممتها، صحبت رسول اللَّه فكان لا يزيد في السفر على الركعتين، وأبا بكر حتى قبض، وعمر، وعثمان -رضي اللَّه عنهم- كذلك.
أخرجه البخاري (١١٠٢)، ومسلم (٦٨٩/ ٨)، وأبو داود (١٢٢٣).
ويأتي تخريجه بطرقه في موضعه من السنن، إن شاء اللَّه تعالى.
قلت: فلعل يحيى بن معين نظر إلى حديثه هذا وغيره مما وافق فيه الثقات، فأطلق القول بتوثيقه، ونظر ابن حبان نظرًا موافقًا لابن معين فأدخله في ثقاته، ونظر إلى حديثنا هذا، والذي تفرد به، فضعفه لأجله؛ لاسيما والعلاء بن زهير هذا قليل الرواية جدًا، ولعله لقلة مروياته قال ابن حزم في المحلى (٤/ ٢٦٩): "انفرد به العلاء بن زهير الأزدي، لم يروه غيره، وهو مجهول".
فإذا تقرر هذا: تبين أن العلاء بن زهير لا يحتمل تفرده عن عبد الرحمن بن الأسود بهذا الحديث؛ وعليه: فهو حديث منكر؛ لمخالفته ما صح عن عائشة -رضي اللَّه عنها- رواية وفعلًا، كما تقدم معنا في السنن برقم (١١٩٨).
وبهذا التقرير يتبين صحة نظر شيخ الإسلام ابن تيمية في حكمه على هذا الحديث مشيرًا إلى نكارة متنه، فيقول: "وهذا الحديث خطأ قطعًا" فإنه قال فيه: إنها خرجت مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في عمرة في رمضان، ومعلوم باتفاق أهل العلم أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يعتمر في رمضان قط، ولا خرج من المدينة في عمرة في رمضان، بل ولا خرج إلى مكة في رمضان قط, إلا عام الفتح؛ فإنه كان حينئذ مسافرًا في رمضان، وفتح مكة في شهر رمضان سنة ثمان باتفاق أهل العلم، وفي ذلك السفر كان أصحابه منهم الصائم ومنهم المفطر، فلم يكن يصلي بهم إلا ركعتين، ولا نقل أحد من أصحابه عنه أنه صلى في السفر أربعًا" [مجموع الفتاوى (٢٤/ ١٤٧)].
ثم أطال في بيان الحجة في ذلك إلى أن قال (٢٤/ ١٥٠): "وإذا ثبت بالأحاديث

الصفحة 488