كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 13)

• وحديث أنس هذا له طرق أخرى ليس هذا موضع ذكرها، وإنما أذكر متابعات لحديث أنس في صلاته بذي الحليفة ركعتين، أو متابعات لحديث أيوب عن أبي قلابة عن أنس بطوله، واللَّه أعلم.
° قال أبو بكر ابن المنذر في الأوسط (٤/ ٣٥٤): "يلزم المقيم ما دام مقيمًا إتمام الصلاة، فإذا عزم على السفر وخرج من منزله ولم يبرز عن قريته؛ واختلفوا في أمره؛ فعليه الإتمام على أصل ما كان عليه حتى يبرز عن بيوت القرية، فإذا برز عنها قصر إذا كان سفره يُقصر في مثله الصلاة، إذ لا أعلم أحدًا يمنعه من ذلك، ولا نعلم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قصر في شيء من أسفاره إلا بعد خروجه عن المدينة، فأما ما روي عن مجاهد فقد تكلم في إسناده، والسُّنَّة تدل على خلافه، صلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بذي الحليفة ركعتين، وليس بينها وبين المدينة يوم ولا نصف يوم"، قلت: بل أقل من نصف يوم يقينًا، فإنه صلى الظهر بالمدينة أربعًا، ثم أدرك العصر بذي الحليفة فصلاها ركعتين، ويقع ذلك يقينًا في أقل من نصف النهار؛ فإن نصف النهار ينقضي بزوال الشمس ودخول وقت الظهر [وكان حينها يدخل في قرابة الساعة (١٢: ٣٦)]، ثم إدراكه -صلى اللَّه عليه وسلم- العصر بذي الحليفة يقتضي أنه صلاها في وقتها وقبل اصفرار الشمس [وكان وقت العصر حينها يدخل في قرابة الساعة (٣: ٥٣)]، فيكون ذلك قبل انقضاء النصف الثاني من النهار بساعة أو أكثر على اختلاف الفصول [حيث إن الشمس تغرب في هذا الوقت من السنة قريبًا من الساعة (٦: ٢١)]، لاسيما لو قلنا بأن ذلك كان في الخامس والعشرين من ذي القعدة تقريبًا [قالت عائشة: خرجنا مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لخمس بقين من ذي القعدة. البخاري (١٧٠٩ و ١٧٢٠ و ٢٩٥٢)، مسلم (١٢١١/ ١٢٥)]، وذلك يوافق (٢٢/ ٢/ ٦٣٢) الثاني والعشرين من شهر فبراير لسنة (٦٣٢) ميلادية؛ يعني: أن ذلك كان في فصل الربيع، وبناء على ذلك فيكون النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قد قطع هذه المسافة فيما بين أربع وخمس ساعات، فإذا ضاعفنا هذا الزمن ليكتمل اليوم التام، وضربنا نفس العامل في طول المسافة بين المسجد النبوي وذي الحليفة، أمكننا الحصول على المسافة المقطوعة في اليوم التام، واللَّه أعلم.
* وفي صلاة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بذي الحليفة ركعتين أحاديث، منها:
١ - حديث عمر بن الخطاب:
رواه شعبة، عن يزيد بن خمير الهمداني، قال: سمعت حبيب بن عبيد، يحدث عن جبير بن نفير، عن ابن السمط، قال: رأيت عمر بن الخطاب يصلي بذي الحليفة ركعتين [وفي رواية: كأنه يريد مكة]، فسألته عن ذلك، فقال: إنما أفعل كما رأيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يفعل.
وفي رواية: عن جبير بن نفير، قال: خرجت مع شرحبيل بن السمط إلى قرية على رأس سبعة عشر أو ثمانية عشر ميلًا، فصلى ركعتين، فقلت له، فقال: رأيت عمر صلى بذي الحليفة ركعتين، فقلت له، فقال: إنما أفعل كما رأيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يفعل.

الصفحة 20