كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 13)

* وقد روي حديث مالك مطولًا من وجه آخر، وخالفه في صفة الجمع:
رواه محمد بن غالب: نا غصن بن إسماعيل، عن ابن ثوبان، عن أبي الزبير، عن أبي الطفيل، عن معاذ بن جبل، قال: خرجنا مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في غزوة تبوك، فجعل يجمع بين الظهر والعصر، يصلي الظهر في آخر وقتها، ويصلي العصر في أول وقتها، ثم يسير، ويصلي المغرب في آخر وقتها ما لم يغب الشفق، ويصلي العشاء في أول وقتها حين يغيب الشفق، ثم قال حين دنا: "إنا نازلون غدًا إن شاء اللَّه تبوك، فلا يسبقنا أحدٌ إلى الماء"، قال معاذ: فكنت أول من سبق إلى الماء، فإذا رجلين قد سبقا إلى الماء، فاستقيا في قربتين معهما وكدرا الماء، فقلت: أبَعْد نهي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- سبقتما واستقيتما، وجاء رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "ألم أنهكم أن لا يسبقنا إلى الماء أحد؟ "، فدعا بالقربتين، فصُبَّتا في الماء، فتوضأ وتمضمض في الماء، ودعا اللَّه، ففاض الماء، فقال: "كأنك يا معاذ إن طالت بك حياة ترى ما ها هنا قد مُلئ جنانًا".
أخرجه الطبراني في الأوسط (٥/ ١١/ ٤٥٣٢) و (٧/ ٧٦/ ٦٩٠١)، وفي مسند الشاميين (١/ ٧٥/ ٩٤).
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن ابن ثوبان إلا غصن بن إسماعيل، تفرد به: محمد بن غالب".
قلت: هو حديث منكر بهذا السياق، إذ لم يثبت في حديثٍ مرفوع أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- جمع جمعًا صوريًا، وإنما المعروف في حديث معاذ أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- جمَع جمْع تأخير، كما تقدم في حديث مالك، وغصن بن إسماعيل: لا يُعرف إلا بالرواية عن ابن ثوبان، وهو: عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، وعنه: محمد بن غالب، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: "ربما خالف" [تاريخ الرقة (١٥٤)، الثقات (٩/ ٤)، المؤتلف للدارقطني (٤/ ١٧٧٣)، اللسان (٧/ ٣٠٦)]، فمثل هذا هو في عداد المجاهيل، وإذا كان يخالف مع قلة روايته، فكيف يحتمل منه التفرد عن المشاهير! بما يخالف رواية الأثبات! وقد تفرد به عنه: محمد بن غالب الأنطاكي؛ وليس بذاك المشهور [الجرح والتعديل (٨/ ٥٥)، الثقات (٩/ ١٣٩)].
* خالفهم فوهم في متنه:
هشام بن سعد، عن أبي الزبير، عن أبي الطفيل، عن معاذ بن جبل؛ أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان في غزوة تبوك إذا زاغت الشمس قبل أن يرتحل، جمع بين الظهر والعصر، وإن يرتحل قبل أن تزيغ الشمس أخَّر الظهر حتى ينزل للعصر، وفي المغرب مثل ذلك، إن غابت الشمس قبل أن يرتحل، جمع بين المغرب والعشاء، وإن يرتحل قبل أن تغيب الشمس، أخَّر المغرب حتى ينزل للعشاء ثم جمع بينهما.
أخرجه أبو داود (١٢٠٨)، قال: حدثنا يزيد بن خالد بن يزيد بن عبد اللَّه بن موهب الرملي الهمداني [ثقة]: حدثنا المفضل بن فضالة، والليث بن سعد، عن هشام به.

الصفحة 33