كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 13)

المفضل بن فضالة، عن عُقَيل بن خالد، عن ابن شهاب، عن أنس بن مالك، قال: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخَّر الظهر إلى وقت العصر، ثم نزل فجمع بينهما، فإن زاغت الشمس قبل أن يرتحل صلى الظهر، ثم ركب -صلى اللَّه عليه وسلم-.
وهو حديث متفق عليه، سيأتي تخريجه برقم (١٢١٨).
والمحفوظ عن هشام بن سعد هو ما رواه عنه جماعة الثقات، ولفظهم قريب من لفظ مالك عن أبي الزبير، في جمع التأخير، كذلك فقد اختلف على الليث بن سعد، ورواية كاتبه عبد اللَّه بن صالح [وهو أخص بالليث من ابن موهب]، هي الموافقة لرواية الجماعة عن هشام بن سعد، فهي أولى بأن تكون محفوظة عن الليث، دون رواية ابن موهب، لكن يبقى أن هشام بن سعد أيضًا هو المتفرد بلفظ الإبراد، والذي قد يحتج به البعض على الجمع الصوري، والحديث قد رواه عن أبي الزبير جماعة من الثقات الحفاظ، فلم يذكروا فيه الإبراد، ولا جمع التقديم، مثل: مالك بن أنس، وسفيان الثوري، وزهير بن معاوية، وقرة بن خالد، وعمرو بن الحارث، وزيد بن أبي أنيسة، وإبراهيم بن طهمان.
وهشام بن سعد: ثبت في زيد بن أسلم، وليس بذاك القوي في غيره، إنما يُقبل حديثه أو يُردُّ بالقرائن الدالة على حفظه للحديث، أو عدم ضبطه له، وقد ضعفه النسائي وابن معين، وليناه في رواية، ووافقهما على تليينه جماعة [انظر: التهذيب (٤/ ٢٧٠) وغيره] [وقد سبق الكلام على هشام بن سعد مرارًا، ومتى يقبل حديثه، ومتى يردُّ، وانظر مثلًا: ما تقدم برقم (١١٧ و ٤١٠ و ٤٢٤ و ٩٠٥ و ٩٢٧ و ٩٤١)].
° والحاصل: فإن حديث هشام بن سعد بكلا اللفظين عنه: حديث خطأ، وإن كان رواية الجماعة عنه [وهي المحفوظة أقرب إلى لفظ مالك عن أبي الزبير دون لفظة الابراد، وأما حديث ابن موهب المطول في جمع التقديم: فهو حديث منكر، واللَّه أعلم.
قال عبد الحق الإشبيلي في الأحكام الوسطى (٢/ ٣٤) بعد حديث ابن موهب: "قال أبو داود: حديث المفضل عن الليث: حديث منكر".
وقال المنذري في مختصر السنن (١/ ٣٤٥) بعد حديث ابن موهب: "وقد حكي عن أبي داود أنه أنكره"، ثم قال بعد كلام طويل: "وقد حكي عن أبي داود أنه قال: ليس في تقديم الوقت حديث قائم".
وقال ابن حجر في الفتح (٢/ ٥٨٣): "وهشام مختلف فيه، وقد خالفه الحفاظ من أصحاب أبي الزبير، كمالك والثوري وقرة بن خالد وغيرهم، فلم يذكروا في روايتهم جمع التقديم".
* وانظر فيمن وهم فيه أيضًا على أبي الزبير، أو على الثوري: ما أخرجه ابن أبي حاتم في العلل (٦/ ٥١٦/ ٢٧١٥)، وابن الأعرابي في المعجم (١٩٣)، وأبو الشيخ في طبقات المحدثين (٣/ ٥٢٣)، والدارقطني في الأفراد (٢/ ١٣٣/ ٤٣٦٣ - أطرافه)، وفي العلل (٦/ ٤٣/ ٩٦٥)، وما ذكره الدارقطني في العلل (٦/ ٤١/ ٩٦٥).

الصفحة 36