كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 13)

وأثبت الرواية في تاريخ الإسلام (١٨/ ٣٣٣)، ثم قال: "قال شيخنا أبو الحجاج الحافظ [يعني: المزي]: وهو في عدة نسخ من رواية أبي العباس المحبوبي وغيره، وسقط من النسخ المتأخرة".
وقال ابن حجر في التهذيب (٢/ ٥٨٠) في ترجمة عبد الصمد بن سليمان: "روى عنه الترمذي حديثًا واحدًا في جمع الصلاتين"، ثم قال: "حديثه في عدة نسخ من كتاب الترمذي في الصلاة، وسقط في بعض النسخ".
ومقصدي من ذكر هذه النقول، هو أن الحديث ثابت من رواية ابن المديني عن أحمد بن حنبل في جامع الترمذي من رواية أبي العباس المحبوبي وغيره، واللَّه أعلم.
° وحديث قتيبة هذا قد اتفق أئمة الحديث على إعلاله:
قال أبو داود: "ولم يرو هذا الحديث إلا قتيبة وحده".
وقال عبد الحق الإشبيلي في الأحكام الوسطى (٢/ ٣٣) بعد حديث قتيبة هذا: "قال أبو داود: هذا حديث منكر؛ وليس في تقديم الوقت حديث قائم".
وقال الترمذي: "وحديث معاذ: حديث حسن غريب، تفرد به قتيبة، لا نعرف أحدًا رواه عن الليث غيره.
وحديث الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الطفيل، عن معاذ: حديث غريب.
والمعروف عند أهل العلم: حديث معاذ، من حديث أبي الزبير، عن أبي الطفيل، عن معاذ؛ أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- جمع في غزوة تبوك بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، رواه قرة بن خالد، وسفيان الثوري، ومالك، وغير واحد، عن أبي الزبير المكي.
وبهذا الحديث يقول الشافعي، وأحمد، وإسحاق، يقولون: لا بأس أن يجمع بين الصلاتين في السفر في وقت إحداهما".
فإن قيل: وقع عند الترمذي بعد حديث ابن عمر (٥٥٥) قوله: "هذا حديث حسن صحيح [يعني: حديث ابن عمر]، وحديث الليث عن يزيد بن أبي حبيب: حديث حسن صحيح".
فيقال: هي زيادة مقحمة في الجامع، وهي في مخطوطة الكروخي (٤٥/ أ)، وفي مطبوعات جامع الترمذي؛ إلا أن الطوسي لم يوردها في مستخرجه (٣/ ٩٩)، واقتصر على نقل حكم الترمذي على حديث ابن عمر وحده، وهذا الأقرب عندي للصواب؛ لأمور، منها:
أن الترمذي حكم على حديث قتيبة هذا بالحسن مع الغرابة، ثم علل ذلك بتفرد قتيبة به، ثم حكم عليه بالغرابة فقط، وهذا تضعيف ظاهر من الترمذي للحديث، وعلل ذلك بمخالفته لحديث الثقات عن أبي الزبير عن أبي الطفيل، فكيف يصححه بعد ذلك؟ ولو فعل لكان ذلك اضطرابًا منه، أو رجوعًا عن إعلاله وتضعيفه، كذلك فإن الذين نقلوا حكم الترمذي على هذا الحديث لم ينقلوا تصحيحه، مثل: ابن قدامة في المغني (٢/ ٥٧)

الصفحة 38