كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 13)

عن هشام بن سعد، عن أبي الزبير، عن أبي الطفيل، عن معاذ بهذه القصة بعينها، وهو أشبه بالصواب، واللَّه أعلم"، يعني: أن حديث المفضل عن الليث أشبه بالصواب من حديث قتيبة عن الليث، وأن الذي قال فيه: عن أبي الزبير، أصح ممن قال فيه: عن يزيد بن أبي حبيب، وإن كان حديث المفضل في نفسه كما قلنا قبل قليل: هو حديث منكر؛ وكان الأولى أن يقول كما قال أبو حاتم: رواه عبد اللَّه بن صالح، عن الليث، عن هشام بن سعد، عن أبي الزبير، عن أبي الطفيل، عن معاذ، بنحو رواية الجماعة عن أبي الزبير، بدون جمع التقديم.
وقال الحاكم في المعرفة: "هذا حديث رواته أئمة ثقات، وهو شاذ الإسناد والمتن، لا نعرف له علة نعلله بها، ولو كان الحديث عند الليث، عن أبي الزبير، عن أبي الطفيل؛ لعللنا به الحديث، ولو كان عند يزيد بن أبي حبيب عن أبي الزبير لعللنا به، فلما لم نجد له العلتين، خرج عن أن يكون معلولًا، ثم نظرنا، فلم نجد ليزيد بن أبي حبيب عن أبي الطفيل رواية، ولا وجدنا هذا المتن بهذه السياقة عند أحد من أصحاب أبي الطفيل، ولا عند أحد ممن رواه عن معاذ بن جبل، عن أبي الطفيل، فقلنا الحديث شاذ، وقد حدثونا عن أبي العباس الثقفي، قال: كان قتيبة بن سعيد يقول: على هذا الحديث علامة أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، ويحيى بن معين، وأبي بكر بن أبي شيبة، وأبي خيثمة، حتى عد قتيبة أسامي سبعة من أئمة الحديث، كتبوا عنه هذا الحديث،. . .، قال أبو عبد اللَّه: فأئمة الحديث إنما سمعوه من قتيبة تعجبًا من إسناده ومتنه، ثم لم يبلغنا عن واحد منهم أنه ذكر للحديث علة، وقد قرأ علينا أبو علي الحافظ هذا الباب، وحدثنا به عن أبي عبد الرحمن النسائي، وهو إمام عصره، عن قتيبة بن سعيد، ولم يذكر أبو عبد الرحمن، ولا أبو علي للحديث علة، فنظرنا، فإذا الحديث موضوع، وقتيبة بن سعيد: ثقة مأمون،. . . "، ثم أسند إلى البخاري قوله: "قلت لقتيبة بن سعيد: مع من كتبت عن الليث بن سعد حديث يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الطفيل؟ فقال: كتبته مع خالد المدايني، قال البخاري: وكان خالد المدايني يدخل الأحاديث على الشيوخ" [وممن أسند أيضًا قول البخاري: البيهقي (٣/ ١٦٣)].
قلت: نعم؛ الحديث عند الليث بن سعد، رواه عنه كاتبه عبد اللَّه بن صالح، وبه أعله أبو حاتم، كما تقدم، كما أن هذا المتن قد رواه المفضل بن فضالة، لكنه منكر كما سبق بيانه، كذلك فإن الأئمة الذين سبقوا الحاكم قد أعلوا الحديث، وقد سقنا كلامهم في ذلك، وأما النسائي فقد قال عنه الذهبي في السير (١١/ ٢٢): "وأما النسائي فامتنع من إخراجه لنكارته"، وأما حكم الحاكم عليه بالوضع؛ فلكون واضعه هو خالد بن القاسم المدائني، وهو متهم بالوضع، كما سيأتي بيانه.
وقال ابن حزم في المحلى (٣/ ١٧٤): "هذا الحديث أردى حديث في هذا الباب لوجوه:

الصفحة 40