كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 13)

وقال الخطيب: "لم يرو حديث يزيد بن أبي حبيب عن أبي الطفيل عن الليث غير قتيبة، وهو منكر جدًا من حديثه، ويرون أن خالدًا المدائني أدخله على الليث، وسمعه قتيبة معه، واللَّه أعلم".
وقال أبو موسى المديني: الحديث ثابت من حديث أبي الزبير عن أبي الطفيل، فأما من حديث يزيد بن أبي حبيب: فلم يروه غير قتيبة عن الليث، فلذلك استغربوه، وكتبوه عنه".
وقال الذهبي في السير (١١/ ٢٢): "ما رواه أحد عن الليث سوى قتيبة، وقد أخرجه عنه أبو داود والترمذي، وأما النسائي فامتنع من إخراجه لنكارته".
وقال ابن رجب في شرح العلل (٢/ ٨٣١) (٢/ ٧٠٦ - ط. نور الدين عتر): "وقد روى قتيبة بن سعيد عن الليث بن سعد حديث الجمع بين الصلاتين في السفر، وهو غريب جدًا، فاستنكره الحفاظ، ويقال: إنه سمعه مع خالد بن الهيثم فأدخله على الليث وهو لا يشعر، كذا ذكره الحاكم في علوم الحديث".
وقال ابن الملقن في البدر المنير (٤/ ٥٦١): "وهذا إسناد على شرط الشيخين؛ لكنه فرد من الأفراد".
وقال ابن حجر في الفتح (٢/ ٥٨٣): "وقد أعله جماعة من أئمة الحديث بتفرد قتيبة عن الليث، وأشار البخاري إلى أن بعض الضعفاء أدخله على قتيبة".
• قلت: اتفاق أهل الحديث على شيء يكون حجة، وهنا قد اتفقوا على إعلال حديث قتيبة هذا مع كون رجاله أئمة ثقات، والناظر إليه لأول وهلة يقول: إسناده صحيح، على شرط الصحيح، لكن الأئمة لم يغتروا بظاهر هذا السند، وبحثوا له عن علة خفية، وقبل أن ألخص كلامهم أحب أن أبين أنه قد اختلفت الأنظار في فهم كلام البخاري الذي نقله الحاكم:
فقال الخطيب: "يرون أن خالدًا المدائني أدخله على الليث، وسمعه قتيبة معه".
وقال ابن رجب: "يقال: إنه سمعه مع خالد بن الهيثم، فأدخله على الليث، وهو لا يشعر".
لكن قال الذهبي متعقبًا في السير (١١/ ٢٤): "هذا التقرير يؤدي إلى أن الليث كان يقبل التلقين، ويروي ما لم يسمع، وما كان كذلك؛ بل كان حجة متثبتًا، وإنما الغفلة وقعت فيه من قتيبة، وكان شيخ صدق، قد روى نحوًا من مئة ألف، فيغتفر له الخطأ في حديث واحد".
قلت: وهذا الأقرب للصواب، فإن البخاري وجَّه سؤاله لقتيبة قائلًا: "مع مَن كتبت عن الليث بن سعد حديث يزيد بن أبي حبيب؟ "، ولم يقل: مَن الذي كان يملي عليكم؟ أو: مَن الذي كان يقرأ على الليث؟ بحيث يتهم بإدخال الحديث على الليث وتلقينه إياه، ثم لا ينتبه الليث لكون الحديث ليس من حديثه، أو أنه غيَّر في إسناده ومتنه، فردَّ قتيبة

الصفحة 42