كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 13)

دينار به مرفوعًا، فيضاف مقاتل بن حيان إلى جملة الثقات الذين رووا هذا الحديث عن عمرو بن دينار مرفوعًا، والله أعلم.
• لكن يمكن أن يقال بعد هذا التحرير:
قد رواه الخليلي في الإرشاد (٣/ ٩٢٨) في ترجمة مقاتل بن سليمان، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن الفتح الصفار: حدثنا عبد الله بن أبي داود: حدثنا محمود بن آدم المروزي: حدثنا الفضل بن موسى السيناني: حدثنا مقاتل بن سليمان، عن عمرو بن دينار، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة".
قلت: رواية من قال في إسناده: حدثنا مقاتل، دون أن ينسبه؛ أولى عندي بالصواب من رواية محمد بن الحسن بن الفتح الصفار، والذي أكثر عنه الخليلي في الإرشاد، وترجم له بقوله: "أبو عبد الله محمد بن الحسن بن الفتح الصفار الصوفي، المعروف بكيسكين، سمع إبراهيم الشهرزوري، وأبا حامد النيسابوري، وارتحل إلى العراق، فسمع البغوي، وابن أبي داود، وابن صاعد، وشيوخ بغداد في ذلك الوقت، وارتحل إلى بلاد الشام، فسمع أصحاب هشام بن عمار، وأبا عروبة، وزكريا بن يحيى المقدسي، وأبا الخليل الحمصي، وله من السماعات ما لا يحصى، سمعنا منه سنة أربع وسبعين، وقد نيف على التسعين، ومات أول سنة خمس وسبعين وثلاثمائة" [الإرشاد (٢/ ٧٦٠)، تاريخ الإسلام (٨/ ٤١٩ - ط. الغرب)، الثقات لابن قطلوبغا (٨/ ٢٤٠)].
فإن قيل: كيف ترد الرواية التي نسب فيها الراوي وفيها زيادة علم، بالرواية التي لم يُذكر فيها نسبه؟!
فيقال: فعلت ذلك لأمور:
الأول: جزمُ اثنين من كبار النقاد [وهما أبو عبد الله بن منده، وابن عساكر] بأن مقاتلًا المذكور في هذا الإسناد إنما هو مقاتل بن حيان، ووافق ابنَ منده على ذلك: الحافظُ أبو موسى المديني.
الثاني: تعدد مخرج الرواية التي لم يُذكر فيها نسب مقاتل، بينما انفرد بنسبته رجل ليس بذاك المشهور، ولم يوثقه معتبر، ولا تكاد ترى له رواية في غير الإرشاد، حتى إن الخليلي نفسه - وهو أشهر من روى عنه -، لما ترجم له توقف عن توثيقه، مع كونه في العادة يتكلم في الراوي بالجرح والتعديل، وقول الخليلي: "له من السماعات ما لا يحصى"، فيه نوع مبالغة، لا سيما مع عدم اتساع رحلته في الأمصار، واقتصاره على العراق والشام وأهل بلده، لذا سكت عنه الذهبي في تاريخه ولم يصفه بشيء.
ثم إن الخليلي إنما سمع منه قبيل وفاته، بعد أن تجاوز عمره تسعين سنة، فلا يبعد من مثله الوهم في ذلك.
كذلك فإن الفضل بن موسى غير معروف بالرواية عن مقاتل بن سليمان، والله أعلم.

الصفحة 471