كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 13)

وقد روي عن عمرو بن دينار، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة موقوفًا، من طرق أخرى واهية ساقطة [أخرجها ابن المقرئ في المعجم (٣٧٦)، وابن جميع الصيداوي في معجم الشيوخ (٣٨٧)، والخطيب في تاريخ بغداد (٢/ ١٥٥ - ط. الغرب)].
• قال أبو خالد الدقاق يزيد بن الهيثم بن طهمان فيما رواه عن ابن معين (٣٦١): "سمعت يحيى يقول: حديث عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة": يرفعه قومٌ، ويوقفه قومٌ، جميع الذين رووه ليس بهم بأس".
قلت: فإذا استوى الفريقان عنده في الثقة والضبط والعدد، وجب قبول الزيادة؛ لأن من زاد معه زيادة علم، فكيف إذا كان من رفعه أكثر عددًا؟!.
وقد احتج البخاري بحديث أبي هريرة هذا في كتابه: القراءة خلف الإمام (ص ٤٥)؛ فقال في معرض الرد على المخالف: "وهذا خلاف ما قاله النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة"".
وترجم به في الصحيح بلفظ الحديث فقال: "بابٌ: إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة"، ثم أخرج حديث ابن بحينة، والبخاري قد يفعل هذا في التراجم أحيانًا لما ليس على شرطه، وأحيانًا يفعله فيما هو على شرطه، ثم يخرجه موصولًا في موضع آخر من كتابه، لكن حديث أبي هريرة هذا لم يصله في الصحيح في موضع آخر، لكن احتج به على المخالف في جزء القراءة؛ وعلى هذا فلا ينبغي أن يقال: أعرض عنه البخاري لأنه يرجح وقفه، والله أعلم.
ولما سئل أبو زرعة عن هذا الحديث، وذُكر له أشهر طرقه، قال: "الموقوف أصح" [علل ابن أبي حاتم (٢/ ١٨٨/ ٣٠٣)].
وقد حشد أبو داود طرق من رواه مرفوعًا محتجًا بها، وأغفل ذكر الموقوف، مما يدل على ترجيحه للرفع، والله أعلم.
وقال الترمذي في الجامع (٤٢١) (٤٢٢ - التأصيل) بعدما أخرجه من طريق زكريا بن إسحاق مرفوعًا: "وفي الباب: عن ابن بحينة، وعبد الله بن عمرو، وعبد الله بن سرجس، وابن عباس، وأنس.
حديث أبي هريرة: حديث حسن.
وهكذا روى أيوب، وورقاء بن عمر، وزياد بن سعد، وإسماعيل بن مسلم، ومحمد بن جحادة، عن عمرو بن دينار، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وروى حماد بن زيد، وسفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، ولم يرفعاه.
والحديث المرنوع أصح عندنا.
وقد روي هذا الحديث عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من غير هذا الوجه، رواه عياش بن عباس القتباني المصري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحو هذا.

الصفحة 475