كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 13)

سفيان بن عيينة، والذين يرفعونه أكثر عددًا، وكلهم حافظ ثقة، فيجب قبول ما زادوه وحفظوه، على أن ما صح رفعه لا حرج على الصاحب في توقيفه؛ لأنه أفتى بما علم منه".
وقال ابن رجب في الفتح (٤/ ٦٧): "اختلف في رفعه ووقفه، واختلف الأئمة في الترجيح، فرجح الترمذي رفعه، وكذلك خرجه مسلم في صحيحه، وإليه ميل الإمام أحمد، ورجح أبو زرعة وقفه، وتوقف فيه يحيى بن معين، وإنما لم يخرجه البخاري لتوقفه، أو لترجيحه وقفه، والله أعلم".
• قلت: والحاصل: فإن حديث أبي هريرة حديث صحيح، ثابت مرفوعًا، ووقف من وقفه لا يضره، فقد رفعه جمع من الثقات بلغ عدتهم اثني عشر رجلًا، في مقابل اثنين ممن أوقفوه، وقد ذكرت آنفًا أسماء من رفعوه من الثقات، وكذا من أوقفه، والله أعلم.
• فإن قيل: قد حكم أبو زرعة على أحد طرقه بالبطلان، حين سأله البرذعي (٥٧٢) عن حديث رواه من طريق علي بن المبارك، عن يحيى بن أبي كثير، عن عمرو بن دينار، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة"؟ فقال أبو زرعة: "باطل".
وقد أخرجه من طريق البرذعي: الخطيب في تاريخ بغداد (٨/ ٥٦ - ط. الغرب).
قلت: حكم أبو زرعة بكونه باطلًا من حديث يحيى بن أبي كثير؛ لأن حديث عمرو بن دينار هذا لا يُعرف من حديث يحيى، وإنما يرويه علي بن المبارك، قال: ثنا يحيى بن أبي كثير، عن محمد بن عبد الرحمن [ابن ثوبان]؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر بعبد الله بن مالك بن بحينة ... الحديث، وقد تقدم ذكره في طرق حديث ابن بحينة [تحت الحديث السابق (١٢٦٥)]، والله أعلم.
وهذا إنما تفرد به: جعفر بن عبد الواحد الهاشمي، وأحاديثه بواطيل، كان يسرق الحديث، وروى أحاديث لا أصل لها [للسان (٢/ ٤٥٧)].
• وقد روي حديث أبي هريرة هذا من حديث عمرو بن دينار عن جابر، ولا يصح [نظر: علل الدارقطني (١٣/ ٣٦٨/ ٣٢٥٧) و (١١/ ٩٢/ ٢١٣٩)، أطراف الغرائب والأفراد (١/ ٣٠٥/ ١٦١٧)].
وله طرق أخرى عن أبي هريرة:
١ - روى أبو صالح عبد الغفار بن داود الحراني [ثقة فقيه]، وأبو صالح عبد الله بن صالح [كاتب الليث: صدوق، كان كثير الغلط، وكانت فيه غفلة]، وأبو العلاء الحسن بن سوار [صدوق]:
عن الليث بن سعد، عن عبد الله بن عياش بن عباس [القتباني]، عن أبيه [عياش بن عباس القتباني المصري: ثقة]، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف [وقع في رواية كاتب الليث في المشكل: عن أبي تميم، بدل: أبي سلمة، وهو تحريف]، عن أبي هريرة،

الصفحة 477