كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 15)

قلت: وهذا أولى بالصواب.
فإن عثمان بن عطاء بن أبي مسلم الخراساني: ضعيف، روى عن أبيه أحاديث منكرة [انظر: التهذيب (٣/ ٧٢)].
وابن جريج لم يسمع من عطاء الخراساني؛ إنما هو كتاب، فقد ذكر ابن المديني؛ أنه سأل يحيى بن سعيد القطان عن حديث ابن جريج عن عطاء الخراساني؟ قال: "ضعيف".
قال علي: "قلت ليحيى: إنه يقول: أخبرني؟ قال: لا شيء، كله ضعيف؛ إنما هو كتاب دفعه إليه" [تاريخ ابن أبي خيثمة (١/ ٢٥٩/ ٨٨٩ - السفر الثالث). الكفاية (٣١٥). إكمال ابن ماكولا (٨/ ٣٢٣). تحفة التحصيل (٢١٢)] [وانظر فيمن مشى مع ظاهر السند فأثبت له سماعاً: المجروحين (٢/ ٢٤٢)].
وعلى هذا: فإن رواية يونس بن راشد الحراني: أولى بالصواب، وفيها إثبات الواسطة، فرجع الحديث إلى عكرمة، لكن هذه الزيادة: لما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة؛ في ثبوتها عندي نظر؛ لأن عطاء بن أبي مسلم الخراساني: صدوق، يهم كثيراً، تكلم في حفظه، والجمهور على توثيقه، وهو يرسل كثيرًا، ولم يسمع من ابن عباس شيئاً [انظر: سؤالات ابن محرز (١/ ١٢٩/ ٦٥٠)، المراسيل (٥٧٥)، المجروحين (٢/ ٢٤٢)، جامع التحصيل (٢٣٨)، تحفة التحصيل (٢٢٩)، الميزان (٣/ ٧٤)، المغني (٢/ ٥٩)، التهذيب (٣/ ١٠٨)]، ولم يتابع على هذه الزيادة، والله أعلم.
• وروي معناه عن عكرمة عن ابن عباس من وجه آخر، بلفظ آخر، بنحو ما رواه أبو زميل سماك بن الوليد:
رواه وكيع بن الجراح، عن إسرائيل بن أبي إسحاق، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: لما نزل أول المزمل كانوا يقومون نحوًا من قيامهم في شهر رمضان، وكان بين أولها وآخرها نحو من سنة.
أخرجه ابن جرير الطبري في جامع البيان (٢٣/ ٦٨٠ - ط. الرسالة).
وهذا إسناد لا بأس به في المتابعات؛ فإن قيل: قد نُقِم على سماك بن حرب التلقين، واضطرابه في روايته عن عكرمة خاصة، فيقال: قد أمنا ذلك هنا؛ لمجيئه عن عكرمة عن ابن عباس، من وجهين آخرين، فقد رواه يزيد النحوي وعطاء الخراساني كلاهما عن عكرمة عن ابن عباس بمعناه، كما تقدم، والله أعلم [وانظر ترجمة سماك بن حرب، وتفصيل الكلام عنه: الأحاديث المتقدمة برقم (٦٨ وه ٣٧ و ٤٤٧ و ٦٢٢ و ٦٥٦)].

الصفحة 10