كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 16)

قلت: شعبة وإن كان أقدم من روى هذا الحديث عن أبي إسحاق، وأثبتهم فيه؛ إلا أنه هو الذي قدَّم إسرائيل على نفسه؛ فقد روى حجاج بن محمد المصيصي، قال: "قلنا لشعبة: حدثنا حديث أبي إسحاق، قال: سلوا عنها إسرائيل؛ فإنه أثبت فيها مني"، بل إن عبد الرحمن بن مهدي كان يقول: "إسرائيل في أبي إسحاق: أثبت من شعبة والثوري" [الكامل لابن عدي (١/ ٤٢٢)].
وليس في رواية إسرائيل ما يخالف رواية شعبة وأبي عوانة، سوى أنه صرح باسم المبهم عندهما، وقد تابعه على ذلك أيضًا: وكيع بن الجراح، فدل على كون رواية إسرائيل محفوظة، والله أعلم.
وعليه: فهو موقوف على ابن عمر بإسناد فيه ضعف؛ لجهالة المغيرة بن عبد الله الجدلي؛ فهو أحد شيوخ أبي إسحاق المجاهيل، وقد ذكره مسلم فيمن تفرد بالرواية عنه أبو إسحاق السبيعي ممن لم يرو عنه أحد سواه، من كتابه المنفردات والوحدان (٣٧٣).
• وقد رواه فطر بن خليفة، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله، قال: من قرأ في ليلة خمسين آية لم يكتب من الغافلين، ومن قرأ مائة آية كتب من القانتين، ومن قرأ ثلاثمائة آية كتب له قنطار، ومن قرأ تسعمائة آية فتح له.
وفي رواية عند الطبراني: من قرأ في ليلة بخمس آيات لم يكتب في ليلته أبدًا من الغافلين، ومن قرأ مائة آية كتب من القانتين، ومن قرأ ثلاث مائة كتب له قنطار، ومن قرأ سبع مائة أفلح.
أخرجه ابن أبي شيبة (٦/ ١٣٤/ ٣٠٠٨٦) (١٦/ ٤٤٢/ ٣٢٠٨١ - ط الشثري)، والدارمي (٣٧٧٠ و ٣٧٧٩ و ٣٧٨٦ - ط البشائر)، والطبراني في الكبير (٩/ ١٤٦/ ٨٧٢٧). [الإتحاف (١٠/ ٤٣١/ ١٣٠٩١ و ١٣٠٩٢)].
قلت: نعم؛ فطر بن خليفة أقدم وفاة من شعبة، لكنه ليس بالثبت في أبي إسحاق، وله عنه أوهام، وقد رد البخاري مرة رواية لفطر عن أبي إسحاق فيها إثبات سماع عبد الجبار بن وائل بن حجر من أبيه، فقال البخاري: "وقال فطر: عن أبي إسحاق، عن عبد الجبار: سمعت أبي؛ ولا يصح" [التاريخ الكبير (١/ ٦٩)]؛ وقال ابن حبان في كتابه المجروحين (٢/ ٢٧٣): "وقد وهم فطر بن خليفة حيث قال: عن أبي إسحاق، عن عبد الجبار بن وائل، قال: سمعت أبي" [انظر: فضل الرحيم الودود (٨/ ١٤٢/ ٧٢٣)، [وانظر أيضًا في أوهام فطر: فضل الرحيم الودود (١٠/ ٣٧٩/ ٩٧٨)].
والحاصل: فإن هذه الرواية وهم من فطر بن خليفة على أبي إسحاق، حيث تفرد عنه بهذا الإسناد الصحيح [أخرج مسلم أحاديث لأبي إسحاق عن أبي الأحوص عن ابن مسعود. انظر: التحفة (٩٥٠٧ و ٩٥٠٨ و ٩٥١٢ - ٩٥١٤)].
وإنما يُعرف بهذا اللفظ من حديث أبي إسحاق عن ابن عمر، على اختلاف في الواسطة بينهما، وعليه: فهو حديث شاذ من حديث ابن مسعود.

الصفحة 460