كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 17)
قد تفرد به ابن لهيعة -على ضعفه-؛ لكنه نظر إلى شهرة رجاله، ثم اشتهار الحديث عن ابن لهيعة، ثم عضده بعد ذلك بما ثبت عن بعض الصحابة في إثبات السجدتين في سورة الحج.
وهذا بخلاف حديث عمرو بن العاص، والذي جاء فيه التنصيص على عدد سجود القرآن، بما يحسم الخلاف الفقهي في المسألة، حيث فصل مواضع الخلاف بين الفقهاء: فنص على دخول السجدات الثلاث من المفصل، وعلى اشتمال سورة الحج على سجدتين، فلو صح الحدبث لكان حجة في بابه، يلزم الخصم القول به، لكنه كما ترى تتابع على روايته مجهولان، وانفرد به واحد تلو الآخر، ولم يتابع عليه، ولا يُعرف أي منهما إلا بهذا الإسناد، وهذا الحديث، فكأن الحاكم لم يجرؤ على التصريح بصحة إسناده كعادته في ذلك، ولم يخرجه أحد من أرباب الصحاح [عدا الحاكم]، ولا حتى أحد ممن تساهل في التصحيح للمجاهيل.
ثم إن الحديث مع غرابة إسناده، وجهالة رواته، لم أجد أحدًا من الصحابة صح عنه: أنه نص على أن عدد سجود القرآن: خمس عشرة سجدة؛ فهو حديث ضعيف، لا يثبت، والله أعلم.
فإن قيل: لم ينفرد به نافع بن يزيد الكلاعي عن الحارث بن سعيد العُتَقي، بل تابعه عليه: ابن لهيعة.
فيقال: بل ازداد الحديث بذلك ضعفًا ووهاءً: فإن ابن لهيعة خالفه في إسناده، حيث لم يضبطه، واضطرب فيه، وأما المتن: فإنه اقتصر من هذا العدد؛ خمس عشرة سجدة: اقتصر منها على سجدتين فقط: سجدة الانشقاق، وسجدة العلق؛ فلم يعد بذلك الحديث صالحًا لتقويته بوجه من الوجوه؛ فحديث نافع بن يزيد الكلاعي: حديث غريب إسناده مجهول، وخالفه ابن لهيعة في إسناده وفي متنه، ولم يذكر من السجدات سوى سجدتي الانشقاق والعلق، وابن لهيعة: ضعيف، والله أعلم.
وأما حديث أبي الدرداء الدي علقه أبو داود:
• فقد رواه سريج بن النعمان [بغدادي، ثقة]، وحرملة بن يحيى [مصري، صدوق، كان راوية لابن وهب، ومن أعلم الناس بحديثه]، وسفيان بن وكيع [ضعيف، واتُّهم]:
عن ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبي هلال، عن عمر الدمشقي، عن أم الدرداء، قالت: حدثني أبو الدرداء: أنه سجد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إحدى عشرةَ سجدةً، منهنَّ النجم.
أخرجه الترمذي (٥٦٨)، وابن ماجه (١٠٥٥)، وأحمد (٥/ ١٩٤)، والبغوي في شرح السُّنَّة (٣/ ٣٠٠/ ٧٦٢)، وفي الشمائل (٦٢٠)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (٤٣/ ٥٧٠)، والمزي في تهذيب الكمال (٢١/ ٣١٤). [التحفة (٧/ ٤٦٩/ ١٠٩٩٣)، الإتحاف (١٢/ ٦٢٣/ ١٦٢١٦)، المسند المصنف (٢٧/ ١١٩/ ١٢١٦٤)].
الصفحة 10
590