كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 17)

قلبي من حسن حديثهما، قال أبو حاتم: أخاف أن يكون بعضها مراسيل، عن ابن أبي فروة وابن سمعان"، قال ابن رجب: "يعني: مدلَّسة عنهما" [سؤالات البرذعي (٣٦١)، شرح علل الترمذي (٢/ ٨٦٧)، الفتح لابن رجب (٤/ ٣٦٧)، الميزان (٢/ ١٦٢)، التهذيب (٢/ ٤٨)، وانظر بعض أوهامه: علل الدارقطني (١٠/ ١٠/ ١٨١٩) و (١٢/ ٣٥/ ٢٣٧٩)، [وقد تقدم الكلام عن هذا الإسناد بتفصيل في مواضعٍ، انظر منها مثلاً: فضل الرحيم الودود (٨/ ٥٢٦/ ٧٨٨) و (٩/ ٩٥/ ٨١٦)، وما تقدم قريبا برقم (١١٦٨ و ١٣٢٧ و ١٣٦٤)].
وكلام أبي زرعة وأبي حاتم لا يحمل على الرد المطلق لكل ما جاء بهذه السلسلة، وإنما ترد منها الأحاديث المنكرة، أو ما ثبت لنا بالقرائن وقوع الوهم فيه؛ دون الأحاديث التي استقامت متونها وعرفت مخارجها، والله أعلم.
وهذا حديث منكر؛ فقد تبين من طرق الحديث أنه مدلَّس عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، وهو: متروك، منكر الحديث، ذاهب الحديث [التهذيب (١/ ١٢٣)].
* وقد روي نحو هذه القصة من حديث بكر بن عبد اللّه المزني عن أبي سعيد، واختلف فيه على بكر:
أ- فقد رواه مؤمل بن إسماعيل [وهو: صدوق، كثير الغلط، كان سيئ الحفظ، له عن حماد بن سلمة أوهام وأغلاط، وهذه منها]: حدثنا حماد بن سلمة، عن حميد، عن بكر بن عبد الله المزني، عن أبي سعيد، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسجد بمكة في النجم، فلما قدم المدينة رأيت في المنام كأني أكتب سورة {ص}، فلما انتهيت إلى السجدة سجدت الدواة والقلم وما حولي، فأخبرت بذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فترك النجم.
أخرجه جعفر المستغفري في فضائل القرآن (١٣٥٧).
* ورواه أبو الوليد [هشام بن عبد الملك الطيالسي: ثقة ثبت]: ثنا حماد بن سلمة، عن حميد، عن بكر بن عبد اللّه المزني؛ أن أبا سعيد الخدري - رضي الله عنه -، قال: رأيت فيما يرى النائم كأني افتتحت سورة {ص}، حتى انتهيت إلى السجدة، فسجدت الدواة والقلم وما حوله، فأخبرت بذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فسجد فيها.
أخرجه الحاكم (٢/ ٤٣٢) (٤/ ٤٠٩/ ٣٦٥٨ - ط الميمان). (الإتحاف (٥/ ١٧٥/ ٥١٤٤)].
وهذه الرواية تنبئ عن عدم سماع بكر من أبي سعيد!.
ب- ورواه ابن أبي عدي [ثقة]، عن حميد، عن بكر المزني، قال: قال أبو سعيد الخدري: رأيت رؤيا وأنا أكتب سورة {ص}، قال: فلما بلغت السجدة، رأيت الدواة والقلم وكل شيء بحضرتي انقلب ساجداً، قال: فقصصتها على رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -، فلم يزل يسجد بها.
أخرجه أحمد (٣/ ٨٤). [الإتحاف (٥/ ١٧٥/ ٥١٤٤)، المسند المصنف (٢٨/ ١٩٠/ ١٢٦٣٤)].

الصفحة 102