كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 17)

وقال ابن خزيمة في صحيحه (١/ ٢٨٤): "باب ذكر الدليل على أن السجود عند قراءة السجدة فضيلة لا فريضة، إذ النبي - صلى الله عليه وسلم - سجد وسجد المسلمون معه والمشركون جميعاً، إلا الرجلين اللذين أرادا الشهرة، وقد قرأ زيد بن ثابت عند النبي - صلى الله عليه وسلم - النجم فلم يسجد، ولم يأمره عليه السلام، ولو كان السجود فريضةً لأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - بها".
وقد سبق أن نقلت كلام الشافعي وابن المنذر تحت حديث ابن عباس برقم (١٤٠٣).
وقال ابن المنذر (٥/ ٢٥٩) بعد ذكر الوارد في السجود في النجم وترك السجود فيها: "يشبه أن يكون الاختلاف في هذا الباب من جهة المباح، لكون النبي - صلى الله عليه وسلم - قد سجد فيها مرة، وترك أن يامر بالسجود فيها، ليدل بفعله حيث سجد فيها على أن السجود فيها فضيلة، وليدل بتركه الأمر بالسجود فيها على أن السجود فيها ليس بواجب".
وقال ابن عبد البر في التمهيد (١٩/ ١٣٣): "أي شيء أبين من هذا عن عمر وابن عمر، ولا مخالف لهما من الصحابة فيما علمت، وليس قول من أوجبهما بشيء، والفرائض لا تجب إلا بحجة لا معارض لها، وباللّه التوفيق".
قلت: وممن ينسب إليه القول بعدم الوجوب:
سلمان الفارسي [الطحاوي في المشكل (٩/ ٢٤٧/ ٣٦١٩)].
عبد اللّه بن الزبير [الطحاوي في شرح المعاني (١/ ٣٥٤)، وفي المشكل (٩/ ٢٤٨)].
* وقد أخذ أحمد بفعل عمر بن الخطاب، واحتج به على جواز ترك السجود في الفريضة، قال حرب الكرماني في مسائله (٤٥١): "سئل أحمد عن الرجل يقرأ السجدة وهو في الصلاة؛ أيجوز ألا يسجد؟ قال: نعم، ثم احتج بحديث عمر؛ أنه قرأ السجدة على المنبر، فلم ينزل".
وقال ابن عبد البر في التمهيد (١٩/ ١٣٣): "وقال الأثرم: سمعت أحمد بن حنبل يسال عن الرجل يقرأ السجدة في الصلاة فلا يسجد؟ فقال: جائز أن لا يسجد، وإن كنا نستحب أن يسجد، فإن شاء سجد, واحتج بحديث عمر: ليست علينا إلا أن نشاء، قيل له: فإن هؤلاء يشددون -يعني: أصحاب أبي حنيفة-، فنفض يده، وأنكر ذلك".
وقال أحمد في مسائل البغوي (١١): "السجود في الفريضة سنة"، يعني: في صلاة المكتوبة. [وانظر أيضاً: الروايتين والوجهين (١/ ١٤٤)].
وقال النووي في المجموع (٤/ ٦٢): "وهذا الفعل والقول من عمر - رضي الله عنه - في هذا الموطن والمجمع العظيم: دليل ظاهر في إجماعهم على أنه ليس بواجب، ولأن الأصل عدم الوجوب حتى يثبت صحيح صريح في الأمر به، ولا معارض له، ولا قدرة لهم على هذا".
قلت: وأما احتجاج الطحاوي بقول علي بن أبي طالب: عزائم السجود أربع: {الم (١) تَنْزِيلُ} , و {حم (١) تَنْزِيلُ} , {وَالنَّجْمِ} , و {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١)}.

الصفحة 107