كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 17)

حيث قال الطحاوي في المشكل (٧/ ٢٣٣): "وهذا من علي فلم يقله استنباطاً، ولكنه قد قاله ما قد علمه بما هو فوق الاستنباط، فدل ذلك إذا كان من السجود عزائم أن معها الوجوب، وأن ما كان منها لا عزيمة معه فتاليه وسامعه بالخيار بين السجود فيه وبين ترك ذلك".
قلت: فيقال في مثله: إنما أراد تأكد الاستحباب في هذه الأربع على غيرها؛ إذ قد ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد سجد في النجم، وترك السجود فيها، كما في حديث ابن مسعود (١٤٠٦)، وحديث زيد بن ثابت (١٤٠٤)، والله أعلم.
ب- روى مالك بن أنس، ووكيع بن الجراح، وسفيان بن عيينة، وعبد اللّه بن نمير، ومعمر بن راشد:
عن هشام بن عروة، عن أبيه؛ أن عمر بن الخطاب قرأ سجدة، وهو على المنبر يوم الجمعة، فنزل فسجد، وسجدنا معه.
ثم قرأها يوم الجمعة الأخرى، فتهيأ الناس للسجود، فقال: على رسلكم؛ إن اللّه لم يكتبها علينا، إلا أن نشاء، [فقرأها] فلم يسجد، ومنعهم أن يسجدوا. لفظ مالك مطولاً.
أخرجه مالك في الموطأ (٥٥١ - رواية يحيى الليثي) (١٤٠ - رواية القعنبي) (٢٦٢ - رواية أبي مصعب الزهري)، وعبد الرزاق (٣/ ٣٤٦/ ٥٩١٢) (٤/ ٧٣/ ٦٠٨٥ - ط التأصيل)، وابن أبي شيبة (١/ ٣٧٩/ ٤٣٥٩) (٣/ ٤٥٤/ ٤٤٢١ - ط الشثري)، وحرب الكرماني في مسائله لأحمد (٩٦٨)، والطحاوي (١/ ٣٥٤)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (١٢٩٥ و ١٤٠٢)، والبيهقي في السنن (٢/ ٣٢١) و (٣/ ٢١٣)، وفي الخلافيات (٣/ ٩٣/ ٢١٣٩)، وفي المعرفة (٢/ ١٥٨/ ١١١٩). [الإتحاف (١٢/ ٣٣٠/ ١٥٦٩٨)].
وهذه متابعة جيدة لحديث ابن الهدير؛ إلا أن عروة بن الزبير لم يدرك عمر بن الخطاب [راجع: فضل الرحيم الودود (١٤/ ١٦٢/ ١٢٧٣)].
ج- يونس بن يزيد الأيلي [ثقة، من أصحاب الزهري المكثرين عنه]، وصالح بن أبي الأخضر [ضعيف]:
عن ابن شهاب، عن عياض بن خليفة، قال: رأيت عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قرأ النحل وهو على المنبر، فنزل فسجد، ثم قام، فرقى إلى المنبر. لفظ صالح [عند حرب].
ولفظ يونس [عند النيسابوري]: عن ابن شهاب، قال: أخبرني عياض بن خليفة؛ أنه رأى عمر بن الخطاب يقرأ على الناس يوم الجمعة على المنبر: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ} [النحل: ١]، حتى إذا بلغ السجدة نزل عن المنبر فسجد، ثم عاد فارتقى.
أخرجه حرب الكرماني في مسائله لأحمد وإسحاق (٩٦١)، وأبو بكر النيسابوري في الزيادات على المزني (١١٣).
وهذا صحيح عن عمر، وعياض بن خليفة: سمع عمر، وروى عنه الزهري وكفى به، ويعقوب بن عتبة ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، وقد تابعه ابن الهدير على روايته

الصفحة 108