كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 17)

* والحاصل: فإن الثابت في هذا عن ابن عمر: أنه كان يسجد للتلاوة على فير وضوء، وأنه أفتى غيره بذلك، وقد علقه البخاري في صحيحه جازماً به، والله أعلم.
* وقد ثبت القول به عن الشعبي:
فقد روى وكيع، عن زائدة، عن الشعبي، قال في الرجل يقرأ السجدة وهو على غير وضوء، قال: "يسجد حيث كان وجهه".
أخرجه ابن أبي شيبة (١/ ٣٧٥/ ٤٣٢٥) (٣/ ٤٤٦/ ٤٣٨٤ - ط الشثري).
وهذا مقطوع على الشعبى بإسناد صحيح.
* قيل لأحمد: الرجل يقرأ السجدة وهو على غير وضوء؟ قال: "لا بأس". قيل: أبسجد إذا توضأ؟ قال: "لا". [مسائل حرب الكرماني (٤٥١)] [انظر أيضًا: مسائل إسحاق بن منصور الكوسج (٣٦٨)، مسائل ابن هانئ (٤٩٤)].
* وشدد مالك في ذلك، فقد سئل مالك عمن قرأ سجدةً، وامرأةٌ حائضٌ تسمع، هل لها أن تسجد؟ قال مالك: "لا يسجد الرجل ولا المرأة؛ إلا وهما طاهران" [الموطأ (٥٥٥ - رواية يحيى (١٤٢ - رواية القعنبي) (٢٦٧ - رواية أبي مصعب)].
* وفي المسألة خلاف؛ راجعه في: مصنف ابن أبي شيبة (١/ ٣٧٥)، الأوسط لابن المنذر (٥/ ٢٨٤)، وغيرهما.
والقول بأنه لا يشترط له الطهارة فرع عن كونه ليس بصلاة، فلا يشترط له ما يشترط لصلاة النافلة، وهو الأقرب للصواب.
* ومن أدلة ذلك أيضاً: حديث ابن عمر المخرج في الباب: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ السجدة ونحن عنده [في غير الصلاة]، فيسجد ونسجد معه، فنزدحم حتى ما يجد أحدُنا لجبهته موضعاً يسجد عليه.
قيل في الاستدلال به: وهذا ظاهر في عدم اشتراط الطهارة له؛ إذ يبعد اتفاقهم على استحضارهم لها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ومن المعلوم أنه لو كان النبي - صلى الله عليه وسلم - بين لأصحابه أن السجود لا يكون إلا على وضوء؛ لكان هذا مما يعلمه عامتهم؛ لأنهم كلهم كانوا يسجدون معه، وكان هذا شائعًا في الصحابة، فإذا لم يعرف عن أحد منهم أنه أوجب الطهارة لسجود التلاوة، وكان ابن عمر من أعلمهم وأفقههم وأتبعهم للسنة، وقد بقي إلى آخر الأمر، ويسجد للتلاوة على غير طهارة، كان هو مما يبين أنه لم يكن معروفًا بينهم أن الطهارة واجبة لها، ولو كان هذا مما أوجبه النبي - صلى الله عليه وسلم - لكان ذلك شائعاً بينهم كشياع وجوب الطهارة للصلاة وصلاة الجنازة، وابن عمر لم يعرف أن غيره من الصحابة أوجب الطهارة فيها، ولكن سجودها على الطهارة أفضل باتفاق المسلمين" [مجموع الفتاوى (٢١/ ٢٧٨)].
وقال ابن القيم في تهذيب السنن (١/ ٤٠): "قالوا: وأيضًا ففي الصحيحين عن

الصفحة 126