كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 17)

عبد الله بن عمر، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ القرآن فيقرأ السورة فيها السجدة فيسجد ونسجد معه، حتى ما يجد بعضنا موضعاً لمكان جبهته.
قالوا: وقد كان يقرأ القرآن عليهم في المجامع كلها، ومن البعيد جداً أن يكون كلهم إذ ذاك على وضوء، وكانوا يسجدون حتى لا يجد بعضهم مكاناً لجبهته، ومعلوم أن مجامع الناس تجمع المتوضئ وغيره".
* واستدلوا له أيضاً بحديث ابن مسعود وحديث ابن عباس في سجود المسلمين والمشركين في النجم، ونقل ابن حجر في الفتح (٢/ ٥٥٤) عن ابن رشيد قوله: "ويحتمل أن يجمع بين الترجمة وأثر ابن عمر بأنه يبعد في العادة أن يكون جميع من حضر من المسلمين كانوا عند قراءة الآية على وضوء؛ لأنهم لم يتأهبوا لذلك، وإذا كان كذلك فمن بادر منهم إلى السجود خوف الفوات بلا وضوء وأقره النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك استدل بذلك على جواز السجود بلا وضوء عند وجود المشقة بالوضوء، ويؤيده أن لفظ المتن: وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والإنس، فسوى ابن عباس في نسبة السجود بين الجميع، وفيهم من لا يصح منه الوضوء، فيلزم أن يصح السجود ممن كان بوضوء وممن لم يكن بوضوء، واللّه أعلم".
وقد أطال ابن القيم في تهذيب السنن (١/ ٣٦ - ٤٤) في تقرير عدم اشتراط الطهارة.
وكان مما قال (١/ ٣٩): "واحتج البخاري بحديث ابن عباس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سجد بالنجم وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والإنس. ومعلوم: أن الكافر لا وضوء له.
قالوا: وأيضاً فالمسلمون الذين سجدوا معه لم ينقل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرهم بالطهارة، ولا سألهم: هل كنتم متطهرين أم لا؟ ولو كانت الطهارة شرطًا فيه للزم أحد الأمرين: إما أن يتقدم أمره لهم بالطهارة، وإما أن يسألهم بعد السجود ليبين لهم الاشتراط، ولم ينقل مسلمٌ واحداً منهما".
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية بعد ذكر الأدلة على كونه لا يشترط له الطهارة: "وعلى هذا فليس بداخل في مسمى الصلاة" [مجموع الفتاوى (٢٣/ ٤٧)، وانظر: (٢٣/ ١٦٦) و (٢٦/ ١٩٥)].
* وفي سجود الحائض إذا سمعت السجدة:
* روى عبيد اللّه بن موسى، عن أبان بن يزيد العطار، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن عثمان، قال:"تومئ برأسها إيماء".
أخرجه ابن أبي شيبة (١/ ٣٧٥/ ٤٣٢٠)، ومن طريقه: ابن المنذر في الأوسط (٥/ ٢٨٤/ ٢٨٧٨) (٥/ ٢٩٣/ ٢٨٥٥ - ط الفلاح).
وإسناده صحيح، وفيه دليل على كون سجود التلاوة ليس بصلاة.
* وهذا لا يعارضه عندي: ما رواه محمد بن بشر العبدي [ثقة ثبت، سماعه من ابن أبي عروبة: صحيح جيد]، قال: حدثنا سعيد [هو: ابن أبي عروبة، من أثبت الناس في قتادة"، عن قتادة، عن ابن المسيب، قال: "تومئ برأسها وتقول: اللَّهُمَّ لك سجدت".

الصفحة 127