كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 17)

قلت: هكذا خلت رواية سفيان وشعبة عن هذه الجملة المرفوعة: "يا أهل القرآن! أوتروا؛ فإن اللهَ وترٌ، يحبُّ الوترَ"، وهما أثبت الناس في أبي إسحاق، وأقدمهم منه سماعًا.
بل اشتملت رواية الجماعة عن أبي إسحاق على ما ينافي هذا المرفوع: بقول فصل لا يدخله احتمال، بل ويرفع كل إشكال:
فقد قال علي: الوتر ليس بحتم كهيئة المكتوبة، ولكنه سنَّةٌ سنَّها رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -. وفي رواية: الوتر ليس بفريضة. وبهذا تكون جهيزة قد قطعت قول كل خطيب.
ب- ورواه أبو داود الطيالسي [ثقة حافظ]، وعلي بن الجعد [ثقة ثبت]، وعمران بن داور القطان [صدوق]:
عن إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق [ثقة، من أثبت الناس في جده أبي إسحاق، قدمه بعضهم على الثوري وشعبة في أبي إسحاق، حتى إن شعبة قدمه على نفسه]، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي - رضي الله عنه -، قال: الوتر ليس بحتم، ولكته سنة حسنة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إن اللّه وتر يحب الوتر، فأوتروا يا أهل القرآن.
أخرجه الطيالسي (٨٩)، وأبو القاسم البغوي في مسند ابن الجعد (١٩٣٦)، وابن المقرئ في الثالث عشر من فوائده (١٣٧)، والبيهقي في الخلافيات (٢/ ٢١٢/ ١٤٠٠)، والخطيب في الموضح (٢/ ٣١٤)، والضياء في المختارة (٣٨/ ١٢/ ٥١٠).
هكذا موقوفاً على علي بن أبي طالب قوله، وبرواية إسرائيل هذه يظهر وقوع الإدراج في بقية الروايات التي جاءت مرفوعة، وأن السياق كله من كلام علي، بين فيه أن الوتر سنة سنها رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -، وقال علىٌ بان الوتر ليس بحتم ولا فريضة، وعلل ذلك بأن اللّه وتر يحب الوتر، ثم حث حملة القرآن على القيام به، وعلى الحرص على الوتر، واللّه أعلم.
ج- ورواه أبو خيثمة زهير بن معاوية [ثقة ثبت، من أصحاب أبي إسحاق المكثرين عنه، لكن سماعه منه بعد التغير، وقد تابع إسرائيل على وقفه]: حدثنا أبو إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي، قال: إن الوتر ليس بحتم، ولكنه سنة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإن اللّه عز وجل وتر يحب الوتر. موقوفاً عليه قوله.
أخرجه أحمد (١/ ١٠٠/ ٧٨٦)، وأبو القاسم البغوي في مسند ابن الجعد (٢٥٥٣)، والبيهقي (٢/ ٤٦٧)، والضياء في المختارة (٢/ ١٥٦/ ٥٣٤).
[الإتحاف (١١/ ٤٣٤/ ١٤٣٦٢)، المسند المصنف (٢١/ ٩٥٢٧/ ١٦٩)].
د- ورواه علي بن صالح [كوفي ثقة، وهو أقدم وفاة من الثوري وشعبة، وقد تابع إسرائيل على وقفه]، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي، قال: إن الوتر ليس بحتم، ولكنه سنة سنها رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -، فأوتروا يا أهل القرآن. موقوفاً عليه قوله.
أخرجه عبد اللّه بن أحمد في زياداته على المسند (١/ ١٤٥/ ١٢٣٢). [الإتحاف (١١/ ٤٣٤/ ١٤٣٦٢)، المسند المصنف (٢١/ ١٦٩/ ٩٥٢٧)].

الصفحة 137