كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 17)

يقول: سمعت عمرو بن العاص، يقول: أخبرني رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الله عز وجل زادكم صلاة، فصلوها فيما بين صلاة العشاء إلى صلاة الصبح، الوتر الوتر"؛ ألا وإنه أبو بصرة الغفاري.
قال أبو تميم: فكنت أنا وأبو ذر قاعدين، قال: فأخذ بيدي أبو ذر فانطلقنا إلى أبي بصرة، فوجدناه عند الباب الذي يلي دار عمرو بن العاص، فقال أبو ذر: يا أبا بصرة آنت سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن الله عز وجل زادكم صلاة، فصلوها فيما بين صلاة العشاء إلى صلاة الصبح الوتر الوتر"؟ قال: نعم، قال: أنت سمعته؟ قال: نعم، قال: أنت سمعته؟ قال: نعم.
أخرجه أحمد (٦/ ٣٩٧)، وابن عبد الحكم في فتوح مصر (١٢١ و ٣١٤)، والحارث بن أبي أسامة (١/ ٣٣٦/ ٢٢٧ - بغية الباحث)، والدولابي في الكنى (١/ ١٩٥/ ٣٦٨) و (١/ ٤٥٤/ ٧٢٢ و ٧٢٣)، والطحاوي في شرح المعاني (١/ ٤٣٠) [وفي سنده سقط وتحريف، وتصحيحه في المشكل]. وفي المشكل (١١/ ٣٥٣/ ٤٤٩١)، وابن قانع في المعجم (١/ ١٥٠)، والطبراني في الكبير (٢/ ٢٧٩/ ٢١٦٧)، والحاكم (٨/ ١٨٤/ ٦٦٥٨ - ط الميمان) (٦٦٩٤ - ط دار المنهاج القويم). [الإتحاف (١٤/ ٣٦/ ١٧٤٠٥)، المسند المصنف (٢٦/ ٣٣٣/ ١١٩١٣)].
* قلت: وحديث ابن المبارك؛ وإن كان صحيح الإسناد، رجاله كلهم ثقات؛ إلا أنه حديث غير محفوظ؛ لأمور:
الأول: مخالفة متنه للمعلوم من الدين بالضرورة، ولما تواترت به النصوص من كون فروض الصلوات خمساً لا مزيد عليها، وسيأتي بيان ذلك بأدلته قريباً.
الثاني: أن أرفع من روى هذا الحديث من المصنفين، هو الإمام أحمد في مسنده، فهل يرى أحمد الاحتجاج به؟
الجواب: إن أحمد، وإن رواه في مسنده إلا أنه ضعفه وردَّه:
قال محمد بن عبد الملك: "قيل لأبي عبد الله [يعني: أحمد بن حنبل]: أليس تروي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "زادكم الله صلاة وهي الوتر"؟
فقال أحمد: فالفرض إذاً ست؟! إنما الوتر سنة" [الانتصار (٢/ ٤٨٨ - ٤٨٩)].
قلت: الراوي عن أحمد؛ إما أن يكون محمد بن عبد الملك بن زنجويه البغدادي الغزال، وهو: ثقة، وإما أن يكون محمد بن عبد الملك بن مروان الدقيقي، وهو: صدوق.
فالإمام أحمد لا يثبت هذا الحديث؛ بل ينكره، إذ لو أثبته، لأثبت الزيادة على الفرض، إذ إن الزيادة تكون من جنس المزيد كما قرره الحنفية، وإنما دلت أدلة الشريعة على سنية الوتر، وهو ما صرح به علي بن أبي طالب، وعبادة بن الصامت في الرد على المخالف.

الصفحة 176