كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 17)

ولم ينفرد أحمد بتضعيف هذا الحديث ورده، فقد ضعفه أيضاً: الأثرم وابن نصر: قال الأثرم في الناسخ (٩٢): "وأما حديث خارجة بن حذافة وأبي بصرة وعمرو بن شعيب: فليست بالقوية".
وقال ابن نصر في كتاب الوتر (٢٧٧ - مختصره): "وهي أخبار في أسانيدها مطعن لأصحاب الحديث".
وقال أيضاً (٢٩٧ - مختصره): "حدثني علي بن سعيد النسوي، قال: سمعت أحمد بن حنبل، يقول لهؤلاء أصحاب أبي حنيفة: ليس لهم بصر بشيء من الحديث، ما هو إلا الجرأة، قال محمد بن نصر: فاحتج له بعض من يتعصب له؛ ليموه على أهل الغباوة والجهل، بالخبر الذي ذكرنا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إن الله زادكم صلاة، وهي الوتر"، فزعم أن قوله: "زادكم صلاة" دليل على أنه فريضة. فيقال له: هذا حديث لا يثبته أهل العلم بالأخبار، ولو ثبت ما كان فيه دليل على ما ادعيت، وذلك أن الصلاة أنواع، منها فريضة مكتوبة مؤكدة، وهي الصلوات الخمس بإجماع الأمة على ذلك، ومنها سنة ليست بفريضة، ولكنها نافلة مامور بها، مرغب فيها، يستحب المداومة عليها، ويكره تركها، منها الوتر وركعتان قبل الفجر، وما أشبه ذلك، ومنها نافلة مستحبة وليست بسنة، ولكنها تطوع، من عمل بها أثيب عليها، ومن تركها لم يكره له تركها، فقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله زادكم صلاة"، و"إن الله أمدكم بصلاة" إن ثبت ذلك عنه، فإنما يعني: زادكم وأمدكم بصلاة هي سنة من سنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غير مفروضة ولا مكتوبة"، ثم ذكر كلاماً طويلاً نقلت بعضه في آخر هذا البحث.
الثالث: أن سعيد بن يزيد الحميري الإسكندراني، وإن كان ثقة، وثقه: أحمد، وابن معين، وأبو زرعة، والنسائي، ويعقوب بن سفيان، وابن حبان، وابن يونس، والدارقطني [العلل ومعرفة الرجال (٣/ ٣٤٦/ ٥٥٢٩]، المعرفة والتاريخ (٢/ ٤٥٩)، الجرح والتعديل (٤/ ٧٣)، الثقات (٦/ ٣٧٣)، المشاهير (١٥٠٩)، سؤالات البرقاني (١٨٥)، الإكمال لابن ماكولا (٧/ ٦٤)، السير (٦/ ٤١٠)، تاريخ الإسلام (٣/ ٦٦٤ - ط الغرب) و (٤/ ٦٣ - ط الغرب)، التهذيب (٢/ ٥١)]؛ فلم يتابعه ثقة على هذا الحديث عن ابن هبيرة، كما أني لم أقف له على رواية عن ابن هبيرة سوى هذا الحديث؛ فهو مقل جداً عن ابن هبيرة، كما أن مسلماً لما أخرج له دون البخاري؛ لم يخرج له عن ابن هبيرة شيئاً، وإنما أخرج له حديثاً واحداً عن خالد بن أبي عمران.
الرابع: أن هذا الحديث لم يُعرف في بلده، وإنما عرف خارجها، حيث تفرد به دون أهل مصر: عبد الله بن المبارك، بينما الحديث الذي أخرجه له مسلم (١٥٩١) قد رواه من أربعة أوجه، هذا أحدها، وقد عرف في بلده وخارجها؛ حيث رواه:
الليث بن سعد، وعبد الله بن المبارك:
عن أبي شجاع سعيد بن يزيد، عن خالد بن أبي عمران، عن حنش الصنعاني، عن

الصفحة 177