كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 17)

فقيل له -: فكم الفرض؟ قال: خمس صلوات، فقيل له: فما تقول في الوتر؟ قال: فريضة، فقلت - أو: فقيل له -: أنت لا تحسن الحساب. [الإتحاف (٦/ ٤٣٧/ ٦٧٧٠)، [انظر: مختصر كتاب الوتر لابن نصر (٢٧٤)].
ومن الأحاديث الواردة في ذلك:
* روى مالك، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى في المسجد، فصلى بصلاته ناسٌ، ثم صلى من القابلة فكثُرَ الناس، ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة، فلم يخرج إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما أصبح قال: "قد رأيت الذي صنعتم، فلم يمنعني من الخروج إليكم إلا أني خشيت أن تُفرَضَ عليكم"، وذلك في رمضان.
وهو حديث متفق على صحته [أخرجه مالك في الموطأ (١/ ١٦٩/ ٢٩٩)، ومن طريقه: البخاري (١١٢٩ و ٢٠١١)، ومسلم (٧٦١/ ١٧٧)، وتقدم برقم (١٣٧٣)].
قال ابن العربي في القبس شرح الموطأ (١/ ٢٨١) تعليقاً على قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ولكني خشيت أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها"؛ قال: "وذلك أنه سأل لأمته ليلة الإسراء التخفيف، والحطَّ من خمسين صلاة إلى خمس، فلو أجمعوا على هذه الصلاة لجاز أن يقال له: سألت التخفيف عنهم فخففنا، فتراهم قد التزموا من قبل أنفسهم زائداً على ذلك فيلزمهم. وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمؤمنين رؤوفاً رحيماً، وهذا يدلك على فضل الجماعة وعظيم موقعها في الدين؛ لأن كل أحد كان يصلي في بيته ليلاً، ولم يخَفِ النبي - صلى الله عليه وسلم - بوجه الفرضية بذلك، وإنما خافها عند الاجتماع عليها، فتركها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مدته، وأبو بكر - رضي الله عنه - خلافته؛ لاشتغاله بتأسيس القواعد وربط المعاقد وبنيان الدعائم وتحصين الحوزة وسد الثغور بأهل النجدة، ثم جاء عمر - رضي الله عنه - والأمور منتظمة والقلوب لعبادة الله تعالى فارغة والنفوس إلى الطاعات صبة، فلما رآهم في المسجد أوزاعاً رأى أن ينظم شملهم بإمام واحد أفضل ديناً، وأكثر انتفاعاً، فجمعهم على أُبيّ، اقتداء برسول الله - صلى الله عليه وسلم - في لياليه الثلاث التي صلى فيها، ولعلمه بأن العلة التي ترك النبي - صلى الله عليه وسلم - الصلاة لها من خوف الفريضة قد زال، فصار قيام رمضان سنةً للاقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - بعد زوال العلة التي تركه لأجلها، وصار بدعة، لأنه لم يكن مفعولاً فيما سلف من الأزمنة، ونعمت البدعة سنة أحييت وطاعة فعلت".
* وروى يعقوب بن عبد الله بن سعد القمى الأشعري، قال: حدثنا عيسى بن جارية، عن جابر بن عبد الله، قال: صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في شهر رمضان ثمان ركعاتٍ، وأوتر، فلما كانت الليلة القابلة اجتمعنا في المسجد، ورجونا أن يخرج فيصلي بنا، فأقمنا فيه حتى أصبحنا، فقلنا: يا رسول الله! رجونا أن تخرج فتصلي بنا، قال: "إني كرهت - أو: خشيت - أن يكتب عليكم الوتر".
وهو حديث منكر؛ تقدم تحت الحديث السابق برقم (١٣٠٤).

الصفحة 184