كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 17)

النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يوتر على الراحلة، ولو كان واجباً لما فعله عليها" [الخلافيات (٢/ ٢١٤)].
وقال ابن عبد البر في الاستذكار (٢/ ١١٤): "الفرائض لا تثبت إلا بيقين لا خلاف فيه، فكيف والقول بأن الوتر سنة ليس بواجب يكاد أن يكون إجماعاً؛ لشذوذ الخلاف فيه".
وقال في التمهيد (١٣/ ٢٦٠): "والذين أوجبوه لم يخصوا بوجوبه صاحب القرآن من غيره، وقد يحتمل أن يكون أهل القرآن هاهنا أهل الإسلام، ولكن الظاهر غير ذلك، وفي حديث طلحة وعبادة بن الصامت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "خمس صلوات"، مع قول الله - عز وجل -: {وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: ٢٣٨]؛ ما يغني عن قول كل قائل، وبالله التوفيق".
وقال أبو إسحاق الثعلبي في الكشف والبيان (٢/ ١٩٨): "وفي قوله - عز وجل -: {وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى}: دليل على أن الوتر ليس بواجب؛ وذلك أن المسلمين اتفقوا على أن الصلوات المفروضات تنقص عن سبعة وتزيد على ثلاثة، وليس بين الثلاثة والسبعة فرد إلا خمسة، والأزواج لا وسطى لها، فثبت أنها خمسة".
وقال أبو بكر ابن العربي في القبس (١/ ٢٩٥)، وبنحوه في المسالك (٣/ ٧): "وقال أبو حنيفة: هو واجب يعاقب تاركه وهو في المشيئة. وليس له في هذه المسألة دليل يُعوَّل عليه، وكل حديث يتعلق به باطل. وقد نزع سحنون بهذه المسألة إلى الحنفية، فقال: إن من ترك الوتر يؤدَّب، وإنما التقفها عن أسد بن الفرات، وهي لعمر الله! مِلحٌ غير فُرات، فإن ظهر المؤمن حمى لا يستباح إلا إذا عصى، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في جواب الأعرابي الذي سأله عن فروض الصلاة: "خمس صلوات"، فسأل: هل علي غيرهنَّ؟ قال: "لا، إلا أن تطوع"، قال: فذكرها في دعائم الإسلام، وفي آخر الزمان. وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "خمس صلوات كتبهن الله على عباده في اليوم والليلة" الحديث، إلى قوله: "أدخله الله الجنة".
وإيجاب صلاة سادسة خرق في الشريعة لا يرقع، وليس لهم فيه حديث أشبه من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أوتروا يا أهل القرآن"، ولم يصح من جهة السند ولا قوي من جهة المعنى، فإنه إنما أراد بأهل القرآن الذين يقومون به ليلاً، وقيام الليل ليس بفرض في أصله، فكيف يكون فرضاً في وضعه، وقد ناقضوا فقالوا: إن الوتر يفعل على الراحلة، فنقول: صلاة تفعل على الراحلة مع الأمن والقدرة، فلا تكون واجبة كركعتي الفجر، عكسه الصبح".
وانظر: الأم (٢/ ١٥٠)، الناسخ للأثرم (٩٢)، صحيح ابن خزيمة (٢/ ١٣٧ و ٢٨٣) و (٣/ ١٦٤)، الناسخ والمنسوخ للنحاس (٤٢٨)، الاستذكار (٢/ ٣٧٠)، إحكام الأحكام لابن حزم (٣/ ٣٣٦)، قواطع الأدلة (٢/ ٨٤)، بداية المجتهد (١/ ٦٤)، المغني (١/ ٢٢٢)، المجموع (٣/ ٤)، نصب الراية (٢/ ١١٤)، وغيرها.

الصفحة 188