كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 17)

بعد الوتر ركعتين، وهو قاعدٌ، فإذا أراد أن يركع، قام فركع، ويصلي بين أذان الفجر والإقامة ركعتين.
وهو حديث متفق عليه [تقدم تخريجه برقم (١٣٤٠)، وهذا لفظ أبي داود].
° فإن قيل: قد روى مالك، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه أخبره؛ أنه سأل عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -: كيف صلاةُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في رمضان؟ فقالت: ما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرةَ ركعةً، يصلي أربعاً، فلا تسأل عن حُسنهنَّ وطولهنَّ، ثم يصلي أربعاً، فلا تسأل عن حسنهنَّ وطولهنَّ، ثم يصلي ثلاثاً، قالت عائشة - رضي الله عنها -: فقلت: يا رسول الله! أتنام قبل أن توتر؟ قال: "يا عائشة! إن عينيَّ تنامان، ولا ينام قلبي".
وهو حديث متفق على صحته [أخرجه مالك في الموطأ (١/ ١٧٧/ ٣١٥)، ومن طريقه: البخاري (١١٤٧ و ٢٠١٣ و ٣٥٦٩)، ومسلم (٧٣٨/ ١٢٥)، وتقدم برقم (١٣٤١)].
فيقال: تفسَّر الركعات الثلاث المجملة المشتبهة في الوتر الواردة في حديث سعيد المقبري عن أبي سلمة، بالنص المحكم الوارد في حديث يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة: ثم يوتر بركعة، فيزيل عنها اشتباه الاتصال، والله أعلم.
° وإن قيل: روى سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن زرارة بن أوفى، عن سعد بن هشام؛ أن عائشة حدثته؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان لا يسلم في ركعتي الوتر. وفي رواية: في الركعتين الأوليين من الوتر.
وهذا أصله في مسلم (٧٤٦/ ١٣٩) بغير هذا اللفظ، وقد تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (١٣٤٥).
وإنما اختصره ابن أبي عروبة فأوهم فيه معنى جديداً، وإنما أراد ابن أبي عروبة أن يقول فيه بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد صلى الوتر تسعاً وسبعاً من غير أن يفصل بينهن بسلام.
قال أبو بكر الأثرم في الناسخ (٨٨): "وأما حديث سعد بن هشام عن عائشة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يسلم في ركعتي الوتر، فإني سمعت أبا عبد الله - رضي الله عنه - يقول: هو خطأ".
وقال ابن نصر: "فهذا عندنا قد اختصره سعيد من الحديث الطويل الذي ذكرناه، ولم يقل في هذا الحديث: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - أوتر بثلاث لم يسلم في الركعتين، فكان يكون حجة لمن أوتر بثلاث بلا تسليم في الركعتين، إنما قال: لم يسلم في ركعتي الوتر، وصدق في ذلك الحديث: أنه لم يسلم في الركعتين، ولا في الثلاث، ولا في الأربع، ولا في الخمس، ولا في الست، ولم يجلس أيضاً في الركعتين، كما لم يسلم فيهما".
وقال البيهقي في السنن: "ورواه الجماعة عن ابن أبي عروبة عن قتادة، وهمام بن يحيى عن قتادة، كما سبق ذكره في وتره بتسع ثم بسبع، وكذلك رواه بهز بن حكيم عن زرارة بن أوفى، وفي رواية عبد الوهاب يشبه أن يكون اختصاراً من الحديث، ورواية أبان خطأ، والله أعلم، وقد ورد الخبر بالنهي عن الوتر بثلاث ركعات متشبهة بصلاة المغرب".

الصفحة 199