كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 17)

وقال في آخره: فإذا فرغ من الصلاة قال: "سبحان الملك القدوس"، ثلاث مرات. [النسائي (٣/ ٢٤٦/ ١٧٣٦)].
وقد رواه جماعة مقتصرين على القراءة بالسور الثلاث حسب.
• ورواه شعبة، وسعيد بن أبي عروبة [في المحفوظ عنه]، وهمام بن يحيى:
عن قتادة، قال: سمعت عزرة، يحدث عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يوتر بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١)} و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (١)} , {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)} "، فماذا فرغ قال: "سبحان الملك القدوس" ثلاثاً [النسائي (٣/ ٢٤٦/ ١٧٤٠) و (٣/ ٢٥١/ ١٧٥٤)، أحمد (٣/ ٤٠٦)].
• ورواه شعبة أيضاً، عن قتادة، عن زرارة [وفي رواية: سمعت زرارة]، عن عبد الرحمن بن أبزى، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كان يوتر بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١)} و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (١)} , {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)}، فإذا فرغ [وفي رواية: فإذا سلم]، قال: "سبحان الملك القدوس" ثلاثاً، ويمد في الثالثة [النسائي (٣/ ٢٤٧/ ١٧٤١)، أحمد (٣/ ٤٠٦)].
وهو حديث صحيح، وهذه الطرق صحيحة محفوظة، وقد سبق تخريجه بطرقه مفصلاً: في تخريج أحاديث الذكر والدعاء (١/ ٣٥٣/ ١٧٥)، مع بيان الطرق والألفاظ الشاذة.
وليس فيه نص أنه - صلى الله عليه وسلم - أوتر بثلاث لم يسلم إلا في آخرهن؛ كما قال ابن نصر، وتقدم كلامه آنفاً، وأما قوله فيه: "ويقول إذا جلس في آخر صلاته:" وقوله: "فإذا أراد أن ينصرف"؛ فيحمل على فراغه من صلاة الليل، بدليل قوله في رواية منصور: "وكان إذا سلم وفرغ"، يعني: سلم من الركعة التي يوتر بها بعد الشفع، وفرغ من صلاة الليل، يزيده إيضاحاً ما جاء في رواية محمد بن جحادة: "فإذا فرغ من الصلاة"، يعني: من صلاة الليل التي ختمها بركعة الوتر، وكذا في رواية محمد بن طلحة عن زبيد، ورواية قتادة عن عزرة وزرارة بن أوفى.
وهذا الحديث قد سيق أصالة لبيان الذكر الذي يقوله عقيب فراغه من ركعة الوتر، ولبيان السور التي يقرأ بها في الشفع والوتر، ولم يتعرض لبيان الاتصال أو الانفصال في ركعات الشفع والوتر الثلاث [وذلك في المحفوظ من روايات الحديث، وما جاء في بعضها: لا يسلم فيهن حتى ينصرف، أو: لا يسلم إلا في آخرهن؛ فهو شاذ، أو منكر]، ولذا فإن ما أجمل في حديث ابن أبزى فإنه يحمل على حديث ابن عمر المفصل في بيان الفصل بين ركعتي الشفع وركعة الوتر، قال ابن عمر: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفصل بين الشفع والوتر بتسليمٍ يُسمِعُناه [تقدم تخريجه في فضل الرحيم الودود (١٠/ ٤٩٠/ ١٠٠٠)]، وهو حديث صحيح، مع العلم بأن الشفع هنا اسم للركعتين اللتين تسبقان ركعة الوتر [انظر مثلاً: المعونة على مذهب عالم المدينة (٢٤٦)، الإشراف على نكت مسائل الخلاف (١/ ٢٩٠)، المنتقى (١/ ٢١٥)]، والله أعلم.

الصفحة 228