كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 17)

زيد أنه قرأ عند النبي - صلى الله عليه وسلم - النجم فلم يسجد، فهو -والله أعلم- أن زيدًا لم يسجد، وهو القارئ، فلم يسجد النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يكن عليه فرضًا فيأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - به".
وقال الترمذي في الجامع (٥٧٦): "حديث زيد بن ثابت: حديث حسن صحيح.
وتأول بعض أهل العلم هذا الحديث، فقال: إنما ترك النبي - صلى الله عليه وسلم - السجود لأن زيد بن ثابت حين قرأ، فلم يسجد لم يسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - ....
وقال بعض أهل العلم: إنما السجدة على من أراد أن يسجد فيها، والتمس فضلها، ورخصوا في تركها؛ قالوا: إن أراد ذلك.
واحتجوا بالحديث المرفوع: حديث زيد بن ثابت، قال: قرأت على النبي - صلى الله عليه وسلم - النجم، فلم يسجد فيها.
فقالوا: لو كانت السجدة واجبة لم يترك النبي - صلى الله عليه وسلم - زيداً حتى كان يسجد، ويسجد النبي - صلى الله عليه وسلم -".
وقال ابن خزيمة في صحيحه (١/ ٢٨٤): "باب ذكر الدليل على أن السجود عند قراءة السجدة فضيلة لا فريضة، إذ النبي - صلى الله عليه وسلم - سجد وسجد المسلمون معه والمشركون جميعاً، إلا الرجلين اللذين أرادا الشهرة، وقد قرأ زيد بن ثابت عند النبي - صلى الله عليه وسلم - النجم فلم يسجد، ولم يأمره -عَليه السَّلام-، ولو كان السجود فريضةً لأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - بها".
وقال ابن المنذر في الأوسط (٥/ ٢٥٦): "وفي ترك النبي - صلى الله عليه وسلم - السجود في النجم: دليل على أن سجود القرآن ليس بفرض، إذ لو كان فرضاً ما ترك السجود فيه".
وقال البيهقي في الخلافيات (٣/ ٩٥): "وإذا لم يسجد التالي لآية السجدة فلا يسجد لها السامع في أصح الوجهين. وقال أبو حنيفة: يسجد السامع وإن لم يسجد التالي. ودليلنا: ... "، ثم ذكر حديث زيد بن ثابت.
وقال الخطيب في الفقيه والمتفقه (١/ ٥٣٨) جمعاً بين حديث ابن مسعود في السجود بالنجم، وحديث زيد بن ثابت: "ليس في هذين الحديثين تضاد، ولا أحدهما ناسخ للآخر، وفيهما دليل على أن سجود التلاوة ليس بحتم، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - سجد في النجم تارة، وترك السجود فيها تارة أخرى، والمسمحب أن لا يترك، وهذا اختلاف من جهة المباح".
فإن قيل: قد سئل أبي بن كعب فنفى أن يكون في المفصل سجود:
فقد روى أبو نعيم الفضل بن دكين، ووكيع بن الجراح، وابن أبي فديك:
قال أبو نعيم: حدثنا داود بن قيس الفراء، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار؛ أنه سال أبي بن كعب: أفي شيء من المفصل سجدة؛ قال: لا. وبنحوه رواه ابن أبي فديك.
وقال وكيع: ليس في المفصل سجود.
أخرجه ابن أبي شيبة (١/ ٣٦٨/ ٤٢٣١ و ٤٢٣٣)، ومن طريقه: ابن المنذر في الأوسط

الصفحة 46