كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 17)

وقال الشافعي في الأم (٧/ ٢٦٧) في الرد على مالك في ترك السجود في المفصل احتجاجاً بعمل أهل المدينة: "وكنتم تروون عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سجد في {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (١)}، وأن أبا هريرة سجد فيها، ثم تروون عن عمر بن عبد العزيز أنه أمر من يأمر القراء أن يسجدوا فيها. وأنتم تجعلون قول عمر بن عبد العزيز أصلًا من أصول العلم ... ، ثم تجدون عمر يأمر بالسجود في {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (١)}، ومعه سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ورأي أبي هريرة؛ فتتركونه، ولم تسموا أحداً خالف هذا، وهذا عندكم العلم؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - في زمانه، ثم أبو هريرة في الصحابة، ثم عمر بن عبد العزيز في التابعين، والعمل يكون عندكم بقول عمر وحده.
وأقل ما يؤخذ عليكم في هذا أن يقال: كيف زعمتم أن أبا هريرة سجد في {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (١)}، وأن عمر أمر بالسجود فيها، وأن عمر بن الخطاب سجد في النجم، ثم زعمتم أن الناس اجتمعوا أن لا سجود في المفصل، وهذا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهذا من علماء التابعين، ... ".
وقال ابن المنذر في الأوسط (٥/ ٢٦٣): "ثبتت الأخبار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه سجد في المفصل في غير سورة منه، وبذلك نقول".
قلت: وهو كما قال؛ فلا حجة لأحد بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والمثبت مقدم على النافي، وعليه عمل الخلفاء الراشدين وغيرهم من الصحابة، والله أعلم.
وقال ابن حزم في الإحكام (٢/ ١٠٦ - ط الآفاق) في الرد على المالكيين: "فإن قالوا: عمل عمر؛ قيل لهم -وبالله تعالى التوفيق-: رويتم عن عمر رضوان الله عليه أنه قرأ في صلاة الصبح بسورة الحج وسورة يوسف ووراءه أهل المدينة من الأنصار والمهاجرين، فقالوا: ليس عليه العمل، ورووا: أنه سجد في الحج سجدتين، فقالوا: ليس عليه العمل، ورووا: أنه سجد في سورة النجم سجدة، فقالوا: ليس عليه العمل، وهذا مما خالفوا فيه عمل النبي - صلى الله عليه وسلم - وعمر وجميع الصحابة، وادعوا في ذلك علماً خفي عنهم، ورووا: أنه نزل عن المنبر يوم الجمعة وهو يخطب فسجد وسجد معه المهاجرون والأنصار ثم رجع إلى خطبته، فقالوا: ليس عليه العمل".
وقال في المحلى (٥/ ٦١): "فأين دعواهم أتباع عمل الصحابة؟ ".
***
١٤٠٤ - قال أبو داود: حدثثا هناد بن السري: حدثنا وكيع، عن ابن أبي ذئب، عن يزيد بن عبد الله بن قُسيط، عن عطاء بن يسار، عن زيد بن ثابت، قال: قرأت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - النجم، فلم يسجد فيها.
حديد متفق على صحته
تقدم تخريجه في فضل الرحيم الودود (٩/ ٢٣٢/ ٨٢٩).

الصفحة 52