كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 17)

ولعل ابن رجب اعتمد في ذلك على نقل الأثرم عن أحمد في هذه المسألة، فقد سال أبو بكر الأثرم الإمام أحمد، فقال: "قلت لأبي عبد الله أحمد بن حنبل: يحمى بن أبي كثير سمع من زيد بن سلام؟ فقال: ما أشبهه، قلت له: إنهم يقولون: سمعها من معاوية بن سلام؟ فقال: لو سمعها من معاوية لذكر معاوية، هو يُبيِّن في أبي سلام، يقول: حدَّث أبو سلام، ويقول: عن زيد، أما أبو سلام فلم يسمع منه، ثم أثنى أبو عبد الله على يحيى بن أبي كثير" [تاريخ دمشق (١٩/ ٤٢٨)، تهذيب الكمال (١٠/ ٧٨)، جامع التحصيل (٨٨٠)].
ومع ذلك فقد قال الذهبي في الميزان (٤/ ٤٠٣): "وروايته عن زيد بن سلام منقطعة؛ لأنها من كتاب وقع له"، فكأنه لم يقف على قول أحمد وأبي حاتم، والله أعلم.
والمثبت مقدَّم على النافي؛ لما معه من زيادة علم، ويؤيده ثبوت سماع يحيى بن أبي كثير من زيد بن سلام في الأسانيد الكثيرة الصحيحة، فقد صرح يحيى بسماعه منه في أكثر من حديث صحيح، وثبت ذلك أيضًا في صحيح مسلم [انظر على سبيل المثال لا الحصر: صحيح مسلم (٢٢٣ و ٩٣٤)، سنن النسائي (٨/ ١٥١/ ٥١٤٠)، صحيح ابن حبان (١٤/ ١٢٤/ ٦٢٣٣)، مستدرك الحاكم (١/ ١١٨)، مسند أحمد (٥/ ٢٤٣ و ٢٧٨ و ٣٤٤)، التاريخ الكبير لابن أبي خيثمة (١٢٦٢)، تعظيم قدر الصلاة (٤٣٥ و ٨١٧)، مسند أبي يعلى (١٥١٨ و ١٥٧١ و ١٥٧٧ و ٤٥٨٩)، المفاريد (٣٠ و ٨٣ و ٨٩)، الأوسط لابن المنذر (١٢٩٣)، مشكل الآثار للطحاوي (١/ ٩٢/ ٩٧)، الشريعة للآجري (٧)، معجم الطبراني الكبير (٣٤٢٣)، الأمثال لأبي الشيخ (٣٣٦)، وغيرها كثير] [فضل الرحيم الودود (٩/ ٢٥٥/ ٨٣١) و (١٠/ ٥٤/ ٩١٠)، تخريج أحاديث الذكر والدعاء (٣/ ١١٣٩/ ٥٨٧)].
• وممن صحح ليحيى بن أبي كثير عن زيد بن سلام عن جده أبي سلام ممطور الحبشي: البخاري، ومسلم، وأبو حاتم، والترمذي، وابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، وغيرهم أوانظر أيضًا: جامع الترمذي (٣٢٣٥)، العلل الكبير (٦٦١)، علل ابن أبي حاتم (٣/ ٥٥٤/ ١٠٧٨)].
• وحديث فضل البقرة وآل عمران بدون موضع الشاهد: مشهور من حديث معاوية بن سلام عن أخيه زيد بن سلام به:
فقد رواه أبو توبة الربيع بن نافع [ثقة حجة]، ويحيى بن حسان التنيسي، ومحمد بن شعيب بن شابور، وعثمان بن سعيد بن كثير بن دينار الحمصي [وهم ثقات]:
حدثنا معاوية بن سلام، قال: سمعت أخي زيد بن سلام؛ أنه سمع [جده] أبا سلام، يقول: حدثني أبو أمامة الباهلي، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يقول: "اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه، اقرؤوا الزهراوين: سورة البقرة وسورة آل عمران، فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان، أو كأنهما غيايتان، أو كأنهما فِرقان من طير صواف، تحاجَّان عن أصحابهما، اقرؤوا سورة البقرة، فإن أخدها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البطلة". قال معاوية: بلغني أن البطلة: السحرة.

الصفحة 521