كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 17)

حدثنا بهما أحمد بن عبد الرحمن بن وهب: نا عمي، عن أبي صخر، بالإسنادين منفردين". [الإتحاف (٤/ ٦٤١/ ٤٨١٧)، المسند المصنف (٨/ ٢٦٧/ ٤١١٢)].
قلت: يغلب على ظني أن ابن أخي ابن وهب قد وهم في هذا الإسناد حيث جعله من حديث أبي صخر عن ابن قسيط عن عطاء بن يسار، وإنما هو خارجة بن زيد.
وأحمد بن عبد الرحمن بن وهب: قد أكثر عن عمه، وهو صدوق تغير بآخره، كان مستقيم الأمر، ثم خلَّط بعدُ فحدَّث بما لا أصل له، حتى رمي بالكذب، وقد أنكروا عليه أحاديث تفرد بها عن عمه، ولا أصل لها، حتى اتهمه أبو زرعة بالوضع [التهذيب (١/ ٨١)، إكمال التهذيب (١/ ٧٥)، الميزان (١/ ١١٣)، ضعفاء النسائي (٧١)، سؤالات البرذعي (٢/ ٧١١ و ٧١٢)، المجروحين (١/ ١٤٩)، المدخل إلى الصحيح (٤/ ١٣٠)] [وانظر: ما تقدم برقم (١٤٨ و ٧١٤ و ٨٢٩ و ١٥٢٤ و ١١٥٦)].
لذا فإني أستبعد أن يكون أبو صخر روى هذا الخبر، عن ابن قسيط، عن عطاء بن يسار، عن زيد بن ثابت، وإنما المعروف عنه أنه رواه عن ابن قسيط، عن خارجة بن زيد، عن أبيه زيد بن ثابت، هكذا رواه جماعة من أصحاب ابن وهب، عن ابن وهب، عن أبي صخر به، كما سيأتي في الحديث الآتي بعد هذا.
• قال الشافعي في اختلاف الحديث: "وفي هذين الحديثين دليل على أن سجود القرآن ليس بحتم، ولكنا نحب أن لا يترك؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - سجد في النجم وترك"، ثم قال: "وفي النجم سجدة، ولا أحب أن يدع شيئًا من سجود القرآن، وإن تركه كرهته له، وليس عليه قضاؤه؛ لأنه ليس بفرض"، ثم أطال الكلام فيه، وكان مما قال: "وأما حديث زيد أنه قرأ عند النبي - صلى الله عليه وسلم - النجم فلم يسجد، فهو -والله أعلم- أن زيدًا لم يسجد، وهو القارئ، فلم يسجد النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يكن عليه فرضاً فيأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - به".
وقال الترمذي: "حديث زيد بن ثابت: حديث حسن صحيح.
وتأول بعض أهل العلم هذا الحديث، فقال: إنما ترك النبي - صلى الله عليه وسلم - السجود لأن زيد بن ثابت حين قرأ، فلم يسجد، لم يسجد النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وقالوا: السجدة واجبة على من سمعها، فلم يرخصوا في تركها.
وقالوا: إن سمع الرجل وهو على غير وضوء فإذا توضأ سجد، وهو قول سفيان، وأهل الكوفة، وبه يقول إسحاق.
وقال بعض أهل العلم: إنما السجدة على من أراد أن يسجد فيها، والتمس فضلها، ورخصوا في تركها؛ قالوا: إن أراد ذلك.
واحتجوا بالحديث المرفوع: حديث زيد بن ثابت، قال: قرأت على النبي - صلى الله عليه وسلم - النجم، فلم يسجد فيها.
فقالوا: لو كانت السجدة واجبة لم يترك النبي - صلى الله عليه وسلم - زيداً حتى كان يسجد، ويسجد النبي - صلى الله عليه وسلم -.

الصفحة 54