كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 17)

وأين أبو صخر هذا من ابن أبي ذئب عالم المدينة؟!!! الذي كان يشبَّه بسعيد بن المسيب، ويقارَن بمالك بن أنس، وحديثه فى الثقة والإتقان والكثرة والشهرة لا يقارن بحديث أبي صخر هذا؛ على ما له من أوهام وما نال به من جرح، ثم لم ينفرد ابن أبي ذئب به عن ابن قسيط، بل تابعه عليه: يزيد بن عبد الله بن خصيفة، وهو: مدني ثقة، متفق على توثيقه، بل قال عنه ابن معين في رواية: "ثقة حجة" [ولا يثبت عن أحمد تضعيفه. التهذيب (٤/ ٤١٩)]، والله أعلم.
ثم إن ابن جريج قد رواه أيضاً من حديث: عطاء بن يسار، أنه سأل زيد بن ثابت عن النجم: ... الحديث، ولم يقل فيه: عن خارجة بن زيد.
° قال ابن عبد البر في التمهيد (١٩/ ١٢٧): "اختلف ابن أبي ذئب وأبو صخر في إسناد هذا الحديث، والقول فيه عندي: قول ابن أبي ذئب؛ لأنه قد تابعه يزيد بن خصيفة على ذلك".
وقال ابن حجر في هدي الساري (٤٥٣): "فإن كان محفوظًا؛ فيجوز أن يكون لابن قسيط فيه شيخان، والله أعلم"؛ قلت: كلا؛ بل هو غلط بيِّن من أبي صخر حميد بن زياد.
وقال في الفتح (٢/ ٥٥٥): "اتفق ابن أبي ذئب ويزيد بن خصيفة على هذا الإسناد على ابن قسيط، وخالفهما أبو صخر، فرواه عن ابن قسيط عن خارجة بن زيد عن أبيه، أخرجه أبو داود والطبراني، فإن كان محفوظاً؛ حمل على أن لابن قسيط فيه شيخين"؛!!!.
وقد اعترض الدارقطني برواية أبي صخر هذا على ما اتفق عليه الشيخان من حديث ابن قسيط:
قال الدارقطني في التتبع (١٧٨): "وأخرجا جميعاً حديث إسماعيل بن جعفر، عن ابن خصيفة، عن ابن قسبط، عن عطاء بن يسار، عن زيد بن ثابت: قرأ النبي - صلى الله عليه وسلم - النجم فلم يسجد.
زاد البخاري من حديث ابن أبي ذئب، عن ابن قسيط، عن عطاء، عن زيد.
وقد رواه زهير بن محمد عن ابن خصيفة كذلك أيضًا.
ورواه ابن وهب، عن أبي صخر، عن ابن قسيط، عن خارجة بن زيد، عن أبيه. هذا من رسم مسلم".
قلت: وأي وجه لهذا الاعتراض؟!!؛ وهل كل ما كان على رسم مسلم فهو صحيح؛ نعم أخرج له مسلم أحاديث توبع عليها، أو توبع على أصولها أصحيح مسلم (٢٣٣ و ٩٤٥ و ٩٤٨ و ١١٨٧ و ١٣٩٨ و ١٩٦٧ و ٢٨١٥ و ٢٨٢٥ و ٢٨٢٥ و ٢٩٧٤)]، ومسلم أبصر به وبحديثه؛ فلماذا لم يخرج حديثه هذا؛ بل أعرض عنه، وأخرج حديث يزيد بن عبد الله بن خصيفة عن ابن قسيط، لكن لما كان للرجل أوهام خالف فيها الثقات، وهذا منها، أوجب ذلك العدول عن حديثه هذا؛ بل إن الدارقطني نفسه قد شهد على بعض أوهامه التي خالف

الصفحة 57