كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 18)

قلت: هكذا قصر بإسناده ابن علية، حين جعله في صورة المرسل، وهو متصل، إنما حمله عبد الله بن رباح عن أبي بن كعب، كما جاء في رواية الثوري وعبد الأعلى.
* قال علي بن المديني: "ومن أهل المدينة: عبد الله بن رباح الأنصاري، ولا أعلم أحداً روى عن عبد الله بن رباح الأنصاري إلا أهل البصرة، ولم يرو عنه أهل المدينة شيئاً، ولكنه قدم من المدينة فنزل البصرة فروى عنه من أهل البصرة: ثابت البناني وأبو السليل وخالد بن سمير السدوسي وأبو عمران الجوني، وقد روى عبد الله بن رباح هذا عن غير واحد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، روى عن أبي قتادة الأنصاري، وعن أبي حصين، وأبي بن كعب، ولا نعلمه روى عن أبي بن كعب إلا هذا الحديث"؛ يعني: حديثاً في فضل آية الكرسي. [كذا في تاريخ دمشق (٢٨/ ٧٢)].
قلت: وعبد الله بن رباح: أثبت له البخاري السماع من أبي قتادة وأبي هريرة [التاريخ الكبير (٥/ ٨٤)]، كما ثبت سماعه أيضاً من عمران بن حصين [صحيح مسلم (٦٨١)، فضل الرحيم الودود (٤٣٧)]، ووفد إلى معاوية [صحيح مسلم (١٧٨٠)]، وقد ثبت هذا السماع بالأسانيد الصحيحة، والتاريخ يشهد بإمكان ذلك السماع، حيث إن بين وفاة عبد الله بن رباح وبين أبي قتادة وعمران بن حصين أقل من أربعين سنة، وأقل من ذلك فيما بينه وبين أبي هريرة، وأما أبي بن كعب فإنه متقدم الوفاة عن هؤلاء الصحابة بأكثر من عشرين سنة، ومثل هذا يحتاج إلى قرائن تدل على سماعه منه، كأن يكون عبد الله بن رباح قديم الولادة وعمر فوق السبعين، فالتأريخ يدل على أن بين وفاتيهما ما يقرب من ستين سنة، وهي مدة طويلة يغلب على الظن فيها عدم الإدراك، ولكني وجدت قرائن تدل على إدراكه.
وأبي بن كعب: شهد العقبة وبدراً، قديم الوفاة؛ قيل: توفي في خلافة عمر، وقيل: في خلافة عثمان، وهو الصواب، قال ابن عبد البر في الاستيعاب (١/ ٦٩): "والأكثر على أنه مات في خلافة عمر"، وأرخه الذهبي في وفيات سنة تسع عشرة من تاريخ الإسلام (٣/ ١٩١)، وقال في السير (١/ ٤٠٠): "والظاهر وفاة أبي في زمن عمر"، ومال إلى أنه مات سنة اثنتين وعشرين (٢٢)، لكن أرخ خليفة وفاته سنة اثنتين وثلاثين (٣٢)، وأسند البخاري في تاريخه الأوسط والكبير بسند صحيح عن عبد الرحمن بن أبزى، قال: قلت لأبي بن كعب لما وقع الناس في أمر عثمان - رضي الله عنه -: أبا المنذر ما المخرج من هذا الأمر؟ قال: "كتاب الله تبارك وتعالى [وسنة نبيه]؛ ما استبان لك فاعمل به، وما اشتبه عليك فكِلْه إلى عالمه" [وهذا الأثر أخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في غريب الحديث (٤/ ٣١٥)، وابن أبي شيبة (٧/ ٥١٨/ ٣٧٦٨١)، والحاكم (٣/ ٣٠٣) (٧/ ٢١/ ٥٤٠٥ - ط الميمان)، وابن حزم في الأحكام (٦/ ٩٣)، وأبو إسماعيل الهروي في ذم الكلام (١٥٥ و ٧٣٥)، الإتحاف (٨٦)]، ولذا فقد أرخ البخاري وفاته فيمن توفي في خلافة عثمان، ونقل عن ابن المديني أنه مات في ست من خلافة عثمان - رضي الله عنه -[التاريخ الكبير (٢/ ٣٩)، التاريخ الأوسط (١/

الصفحة 14