كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 18)
ولا يروي سوى هذا الحديث الواحد، وحديث آخر منكر المتن، بل قال بعضهم: "لا أعرف له سوى حديث الاستغفار"، وكلام أبي حاتم فيه يشعر بجهالته، وابن حبان حين ذكره في الثقات لم يبرئ ساحته بالسكوت عنه، ولكن قال: "يخطئ"؛ فلما لم يكن له سوى هذين الحديثين وكان يخطئ، فحري به أن يضعَّف، وأن يدخله بعدُ في الضعفاء، وأن ينكر عليه هذا الحديث بعينه، فيقول: "أما الحديث الأول: فلا أصل له، ولا الثاني أيضًا بذلك اللفظ"، يعني بالثاني: هذا الحديث، والذي تفرد به، ولم يتابع عليه، ولا يحتمل من مثله التفرد بذلك على جهالته وضعفه؛ ثم هو غريب فرد، تفرد به الوليد بن مسلم، وهو ثقة، وأما حديثه الأول فقد أورده ابن الجوزي في الموضوعات (٢/ ٢٧٩)، ثم قال: "هذا حديث موضوع أيضًا، والمتهم به: الحكم"، ثم ساق كلام ابن حبان.
وهذا المتن وإن كان معناه صحيحًا، وعليه شاهد من القرآن، إلا أن ذلك لا يعني: أن كل معنى صحيح؛ تصح نسبته إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى ينقل إلينا بإسناد صحيح تقوم بمثله الحجة، وجهالة هذا الراوي لا تحتمل في مثل هذه الطبقة، فضلًا عن توارد كلام النقاد على استغراب حديثه هذا، بل وإبطاله، وأنه لا أصل له في السُّنَّة بهذا اللفظ، فوجب الكف عن تصحيحه أو تحسينه، والله المستعان.
وروي من حديث علي بن أبي طالب [أخرجه أبو علي التنوخي في الفرج بعد الشدة (١/ ١٢٣/ ١٨)] [وهو حديث موضوع، تفرد به: المنذر بن زياد الطائي، وهو: كذاب، يضع الحديث. اللسان (٨/ ١٥٢)].
* وانظر بقية أحاديث الاستغفار في المواضع المشار إليها من تخريج الذكر والدعاء.
* * *
١٥١٩ - قال أبو داود: حدثنا مسدد: حدثنا عبد الوارث.
(ح) وحدثنا زياد بن أيوب: حدثنا إسماعيل -المعنى-، عن عبد العزيز بن صهيب، قال: سأل قتادةُ أنسًا، أيُّ دعوةٍ كان يدعو بها النبي - صلى الله عليه وسلم - أكثر؟ قال: كان أكثرُ دعوةٍ يدعو بها: "اللَّهُمَّ آتنا في الدنيا حسنةً، وفي الآخرة حسنةً، وقنا عذاب النار".
وزاد زياد: وكان أنسٌ إذا أراد أن يدعو بدعوةٍ دعا بها، وإذا أراد أن يدعو بدعاءٍ دعا بها فيها.
حديث متفق على صحته
أخرجه البخاري (٤٥٢٢ و ٦٣٨٩)، ومسلم (٢٦٩٠/ ٢٦)، وقد سبق تخريجه بطرقه في أحاديث الذكر والدعاء (٣/ ١١٢٣/ ٥٦١).
* ورواه شعبة، وحماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس، قال: كان رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -، يقول: "ربنا آتنا في الدنيا حسنةً، وفي الآخرة حسنةً، وقنا عذاب النار".