كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 18)
وأبو حاتم لما سأله ابنه عن حديث أبان هذا، قال: "يروي هذا الحديث: مؤمل، عن حماد، عن ثابت، عن أنس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ وأبان أصح".
فلما لم يذكر لفظ مؤمل علمنا أنه يروي نفس حديث أبان في ثواب الشهيد، والحاصل: فإن حديث شيبان ومؤمل ليس له معارض يعل به، وإنما هو حديث محفوظ صحيح، خلافًا لما ذهب إليه ابن عمار، ثم إن له متابعة جيدة، من حديث معتمر عن أبيه عن أنس، ويأتي، والله أعلم.
ثم إن حديث أبان هذا لم يشتهر، ولم يتناقله أصحاب موسى بن إسماعيل، ولم يخرجه أصحاب السنن والمسانيد والمصنفات، مع كونه حديثًا مرفوعًا في فضل الشهيد، مما يدل على غرابته أيضًا من حديث موسى بن إسماعيل، بل ومن حديث حماد بن سلمة أيضًا، واللّه أعلم.
وقد عزاه بعضهم للدارقطني في الأفراد وللديلمي في مسند الفردوس [فردوس الأخبار (٨٧٦٧ و ٩٠٢٦)، كنز العمال (١١١٥٣ و ١١٧٣٣)]، والذي وجدته في أطراف الأفراد (١/ ١٩٦/ ٩١٥) مروي من طريق:
أبي عمر الضرير حفص بن عمر [ثقة]، عن حماد بن سلمة، عن سماك بن حرب، عن أنس مرفوعًا بحديث: "يعطى الشهيد ثلاثًا ... "، والله أعلم.
* ثم وجدت أبا منصور الديلمي قد أخرجه في مسند الفردوس (٨/ ٤٢٢/ ٣٤٢٣ - زهر الفردوس)، من طريق الدارقطني، قال: حدثنا أبو بكر ابن مجاهد [أحمد بن موسى بن العباس بن مجاهد المقرئ: ثقة مأمون، إمام القراءات في وقته. تاريخ بغداد (٥/ ١٤٤)، السير (١٥/ ٢٧٢)]: حدثنا الفضل بن موسى [الفضل بن موسى بن عيسى بن سفيان، أبو العباس البصري، مولى بني هاشم: ذكره ابن حبان في الثقات، وقال الخطيب: "ما علمت من حاله إلا خيرًا". الثقات (٩/ ٧)، تاريخ بغداد (١٤/ ٣٣٥ - ط الغرب)، الثقات لابن قطلوبغا (٧/ ٥٢٤)]: حدثنا أبو عمر الضرير: حدثنا حماد بن سلمة، عن سماك بن حرب، عن أنس مرفوعًا بحديث: "يعطى الشهيد ثلاثًا ... ".
* ثم وجدت له طريقًا من رواية أبان عن أنس، لكنه ليس من طريق حماد بن سلمة، ولا يصلح للاعتبار:
رواه محمد بن عبد الرحيم [صاعقة: ثقة ثبت حافظ]، قال: ثنا أبو سالم الرواس العلاء بن مسلمة، قال: ثنا أبو حفص العبدي، عن أبان، عن أنس بن مالك، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من سأل الشهادة صادقًا من قلبه، أعطاه وإن مات على فراشه".
أخرجه أبو الشيخ في طبقات المحدثين (٣/ ٤٧٠).
قلت: هذا حديث موضوع؛ العلاء بن مسلمة بن عثمان، أبو سالم الرواس: قال ابن حبان: "يروي عن العراقيين المقلوبات، وعن الثقات الموضوعات، لا يحل الاحتجاج به بحال"، وقال أبو الفتح الأزدي: "كان رجل سوء، لا يبالي ما روى، وعلى ما أقدم، لا