كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 18)
سبيل الله جاء يوم القيامة يدمى، اللون لون دم والريح ريح مسك". لفظه عند البيهقي.
ولفظه عند ابن حبان: "من جُرح جُرحًا في سبيل الله، جاء يوم القيامة يدمى، اللون لون دم، والريح ربح مسك، ومن جُرح في سبيل الله طبع بطابع الشهداء".
أخرجه ابن حبان (٧/ ٤٥٧/ ٣١٨٥)، والبيهقي (٩/ ١٧٠).
وفي هذا الإسناد إثبات رجل بين سليمان بن موسى ومالك بن يخامر، وقد تفرد بذلك عن ابن جريج: أبو إسحاق الفزاري، وهو: ثقة حافظ، لكنه غريب من حديثه، ولا أراه يثبت؛ حيث تفرد به: محمد بن عبد الرحمن بن حكيم بن سهم الأنطاكي: روى عنه جماعة من الأئمة والمصنفين منهم الإمام مسلم في صحيحه، ووثقه الخطيب، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: "ربما أخطأ"، لذا قال عنه ابن حجر في التقريب: "ثقة، يغرب" [التهذيب (٣/ ٦٢٥)]، فهذا الحديث من غرائبه.
لذا قال الدارقطني في العلل (٦/ ٥٣/ ٩٧١): "تفرد به: أبو إسحاق الفزاري، فإن كان حفظ، فقد أغرب به، لا أعلم حدث به عن أبي إسحاق كذلك غير محمد بن عبد الرحمن بن سهم الأنطاكي".
والحاصل: فإن المحفوظ عن ابن جريج هو ما رواه عنه جماعة ثقات أصحابه، وفيهم: حجاج بن محمد المصيصي، وعبد الرزاق بن همام، وهما من أثبت أصحابه، وأرواهم عنه، وتابعهما: روح بن عبادة، وأبو عاصم الضحاك بن مخلد، ومحمد بن بكر البرساني.
* قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح".
وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه".
فتعقبه الذهبي بقوله: "بل هو منقطع، فلعله من الناسخ".
قال أبو بكر ابن أبي خيثمة: "سئل يحيى بن معين عن سليمان بن موسى، قال: حدثني مالك بن يخامر، قال: مرسلًا [تاريخ دمشق (٢٢/ ٣٨٥)].
قلت: كلامه يحتمل أمرين: الأول أن يكون أعمل التأريخ، حيث توفي سليمان بن موسى سنة (١١٩)، وتوفي مالك بن يخامر سنة (٧٠)، فيكون بين وفاتيهما قرابة خمسين سنة، مما يقوي الظن بعدم إدراك سليمان بن موسى لمالك بن يخامر التابعي المخضرم.
والثاني: أن يكون اعتبر رواية الأنطاكي عن أبي إسحاق الفزاري بزيادة رجل بينهما، وهذا عندي مستبعد؛ لأن أغلب الظن أنه لم يقف عليها، والله أعلم.
والأول أشبه؛ فقد روى عبد اللّه الدورقي عن يحيى بن معين، قال: "لم يدرك سليمان بن موسى: كثير بن مرة، ولا عبد الرحمن بن غنم [تاريخ دمشق (٢٢/ ٣٨٥)].
وقاله أيضًا: أبو مسهر [تاريخ دمشق (٢٢/ ١٣٧٨)].
وعبد الرحمن بن غنم: مختلف في صحبته، وكانت وفاته سنة (٧٨)؛ يعني: بعد مالك بن يخامر بثمان سنين.