كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 18)
بين كتفيه، قال: فاستَضحكوا، وجعل بعضهم يميل على بعض، وأنا قائم أنظر، لو كانت لي منعةٌ طرحته عن ظهر رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -، والنبي - صلى الله عليه وسلم - ساجد ما يرفع رأسه حتى انطلق إنسان فأخبر فاطمة، فجاءت وهي جويرية، فطرحته عنه، ثم أقبلت عليهم تشتمهم، فلما قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاته، رفع صوته، ثم دعا عليهم، وكان إذا دعا دعا ثلاثًا، وإذا سأل سأل ثلاثًا، ثم قال: "اللَّهُمَّ عليك بقريش" ثلاث مرات، فلما سمعوا صوته ذهب عنهم الضحك، وخافوا دعوته، ثم قال: "اللَّهُمَّ عليك بأبي جهل بن هشام، وعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عقبة، وأمية بن خلف، وعقبة بن أبي معيط"، وذكر السابع ولم أحفظه، فوالذي بعث محمدًا - صلى الله عليه وسلم - بالحق، لقد رأيت الذين سمَّى صرعى يوم بدر، ثم سحبوا إلى القليب، قليب بدر.
قال أبو إسحاق: "الوليد بن عقبة: غلطٌ في هذا الحديث" [أبو إسحاق هذا هو راوي صحيح مسلم، إبراهيم بن محمد بن سفيان].
هكذا وقع في صحيح مسلم: الوليد بن عقبة، وهو غلط، إنما هو: الوليد بن عتبة، كذا وقع في بقية المصادر، وهكذا هو في بقية الروايات عن أبي إسحاق، وهو: ولد عتبة بن ربيعة أحد المذكورين الآخرين.
أخرجه مسلم (١٧٩٤/ ١٠٧)، وأبو عوانة (٤/ ٢٨٧/ ٦٧٧٥)، والطحاوي في المشكل (١٠/ ١٠٥/ ٣٩٥١)، والبيهقي في الدلائل (٢/ ٢٧٩)، والخطيب في المبهمات (٤/ ٢٣٩). [التحفة (٦/ ٣٩١/ ٩٤٨٤)، الإتحاف (١٠/ ٤٠٥/ ١٣٠٤٠)، المسند المصنف (١٩/ ١٦٣/ ٨٨٢٣)].
قال القاضي عياض في إكمال المعلم (٦/ ١٦٧): "الوليد بن عقبة: كذا وقع في جميع نسخ مسلم الواصلة إلينا، وفي أصول جميع شيوخنا، وصوابه: عتبة بالتاء، وكذا هو في صحيح البخاري، وقد نبه عليه مسلم آخر الحديث، أو ابن سفيان، وقال: الوليد بن عقبة غلط في هذا الحديث، وقد جاء في بعض الروايات للسجزي: عتبة؛ على الصواب، وهو إصلاح لا شك فيه، لاعتذار مسلم عنه، أو رواية ابن سفيان، لاختلاف الشيوخ في كلامه من هو؟ وأن مسلمًا إنما سمعه من شيخه: عقبة، والوليد بن عقبة هو: ابن أبي معيط، ولم يكن في هذا الحين مولود، أو كان طفلًا صغيرًا، وقد أتي به النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الفتح ليمسح على رأسه وهو صبي، وقال بعضهم: قد ناهز الاحتلام".
وقال في مشارق الأنوار (٢/ ١٢٣): "كذا في أكثر الروايات عن مسلم في الحديثين معًا، وهو وهم؛ لأن الوليد بن عقبة حينئذ كان صبيًا، وبدليل قوله: لقد رأيتهم صرعى يوم بدر، والوليد لم يحضره، ولا كان في سن من حضره، ولا مات إلا بعد زمن طويل وعشرات من السنين بعد هذا، وصوابه: الوليد بن عتبة بالتاء، وكذا رواه بعضهم فيهما من طريق ابن ماهان والسجزي، وكذا ذكره البخاري في كتاب الصلاة على الصواب، وقد نبه ابن سفيان في الأم على الغلط في قوله: ابن عقبة، فدل أنه سماعه كذلك من مسلم واللّه