كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 18)
أعلم، وأن من رواه عنه أو عن غيره عن مسلم على الصواب فهو إصلاح" [وقد نقله باختصار: النووي في شرح مسلم (١٢/ ١٥٢)].
وقال ابن الملقن في التوضيح (٤/ ٥٠٠): "ووالد الوليد: هو عتبة بالتاء، ووقع في بعض نسخ مسلم بالقاف، وهو خطأ، والصواب الأول".
وقال ابن حجر في الفتح (١/ ٣٥١): "والوليد بن عتبة: هو ولد المذكور بعد أبي جهل، ولم تختلف الروايات في أنه بعين مهملة بعدها مثناة ساكنة ثم موحدة، لكن عند مسلم من رواية زكريا بالقاف بدل المثناة، وهو وهم قديم، نبه عليه ابن سفيان الراوي عن مسلم، وقد أخرجه الإسماعيلي من طريق شيخ مسلم على الصواب".
قلت: وهو حديث صحيح، وجاء فيه تثليث الدعاء، ولا ذكر فيه للاستغفار، وموضع الشاهد: فلما قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاته، رفع صوته، ثم دعا عليهم، وكان إذا دعا دعا ثلاثًا، وإذا سأل سأل ثلاثًا، ثم قال: "اللَّهُمَّ عليك بقريش" ثلاث مرات، وهكذا جاء في الرواية المختصرة عن زكريا عن أبي إسحاق.
٦ - يوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق [ثقة]، عن أبي إسحاق، قال: حدثني عمرو بن ميمون، أن عبد اللّه بن مسعود حدثه؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي عند البيت، وأبو جهل وأصحاب له جلوس، إذ قال بعضهم لبعض: أيكم يجيء بسلى جزور بني فلان، فيضعه على ظهر محمد إذا سجد؟ فانبعث أشقى القوم فجاء به، فنظر حتى سجد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وضعه على ظهره بين كتفيه، وأنا أنظر لا أُغيِّرُ [وفي رواية الحموي: لا أُغني] شيئًا، لو كان لي منعةٌ، قال: فجعلوا يضحكون ويحيل بعضهم على بعض، ورسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - ساجد لا يرفع رأسه، حتى جاءته فاطمة، فطرحت عن ظهره، فرفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأسه ثم قال: "اللَّهُمَّ عليك بقريش" ثلاث مرات، فشق عليهم إذ دعا عليهم، قال: وكانوا يرون أن الدعوة في ذلك البلد مستجابة، ثم سمى: "اللَّهُمَّ عليك بأبي جهل، وعليك بعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة، وأمية بن خلف، وعقبة بن أبي معيط"، وعدَّ السابع فلم يحفظه، قال: فوالذي نفسي بيده، لقد رأيت الذين عد رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - صرعى في القليب، قليب بدر.
أخرجه البخاري (٢٤٠)، قال: وحدثني أحمد بن عثمان [هو: ابن حكيم الأودي الكوفي: ثقة]، قال: حدثنا شريح بن مسلمة [ثقة]، قال: حدثنا إبراهيم بن يوسف [ليس بالقوي]، عن أبيه، عن أبي إسحاق به. [التحفة (٦/ ٣٩١/ ٩٤٨٤)، المسند المصنف (١٩/ ١٦٣/ ٨٨٢٣)].
وقد خرجه البخاري مقرونًا بحديث عثمان بن جبلة عن شعبة عن أبي إسحاق به.
قلت: ومثله يحتمل في المتابعات، فقد روى إبراهيم بن يوسف ما توبع عليه من ثقات قدماء أصحاب أبي إسحاق، مثل شعبة وسفيان، والبخاري ينتقي من حديث هؤلاء المتكلم فيهم ما توبعوا عليه، لا سيما وهو يروي حديثًا عن أهل بيته وافق فيه الثقات، واللّه أعلم.