كتاب فضائل الشام ودمشق لأبي الحسن الربعي

71- أخبرنا تمام، حدثنا أحمد حدثنا أَبُو إسحاق إبراهيم بن عبد الملك بن المغيرة المقري مولى الوليد بن عبد الملك بن مروان حدثني أبي عبد الملك عن أبيه المغيرة أنه دخل يوما على الوليد بن عبد الملك فرآه مغموما فقال ما سبيلك فأعرض عنه ثم عاود فقال يا أمير المؤمنين ما سبيلك قال فقال يا مغيرة إن المسلمين قد كثروا وقد ضاق بهم المسجد وقد بعثت إلى هؤلاء النصارى أصحاب هذه الكنيسة لندخلها في المسجد فتأبوا علينا وقد أقطعتهم قطائع كثيرة وبذلت مالا فامتنعوا علي فقال له المغيرة يا أمير المؤمنين لا تغتم قد دخل خالد بن الوليد من باب الشرقي بالسيف وباب الجابية دخل منه أبو عبيدة بن الجراح بالأمان فماسحهم إلى أي موضع بلغ السيف فإن كان لنا فيه حق أخذناه وإن لم يكن لنا فيه حق داريناهم حتى نأخذ باقي الكنيسة فندخلها في المسجد فقال له فرجت عني فتول أنت هذا قال فتولاه فبلغت المسحة إلى سوق الريحان حتى حاذى من القنطرة الكبيرة بأربعة أذرع وكسر بالذراع القاسمي فإذا -[41]- باقي الكنيسة قد دخل في المسجد فبعث إليهم فقال لهم هذا حق قد جعله الله لنا لم يصل المسلمون في غصب ولا ظلم بل نأخذ حقنا الذي جعله الله لنا فقالوا يا أمير المؤمنين أقطعتنا أربع كنائس وبذلت لنا من المال كذا وكذا فإن رأيت يا أمير المؤمنين أن تتفضل به علينا فافعل فامتنع عليهم حتى سألوه وطلبوا إليه فأعطاهم كنيسة حميد بن درة وكنيسة أخرى حيث سوق الجبن وكنيسة مريم وكنيسة المصلبة قال ثم إن الوليد بعث إلى المسلمين لهدم الكنيسة واجتمع النصارى فقال للوليد بعض الأقساء والفأس على كتفه وعليه قباء خز سفرجلي وقد شد بخرقة قباءه إني أخاف عليك من الشاهد يا أمير المؤمنين فقال له ويلك ما أضع فأسي إلا في رأس الشاهد وإنه صعد فأول من صعد وضع فأسه في هذه الكنيسة الوليد وتسامع الناس في هدم الكنيسة وكبر الناس ثلاث تكبيرات وزادها في المسجد.
-[42]- قال أبو إسحاق: ومات أبي في سنة ثلاث وأربعين وله إحدى وتسعون فهذا ما كان من خبر المسجد وخبر هدم الكنيسة التي كانت فيه.

الصفحة 40